Kaldırımların Kenarında
على هامش الأرصفة
Türler
سعيدة منى في ذلك اليوم وأجمل مما كانت في أي وقت مضى. «ماذا لدي لكي أقدمه له، إنني لا أستطيع مجرد خدمته، فهل سيظل مكتفيا برؤيتي راقدة على السرير أتعلم القراءة والكتابة، أشاهد الفيديو والتلفاز؟! وإنني لا أستطيع أن أغني، أو أقرأ له ... دمية ... دمية ... ليتني ما زلت هنالك بين جدران أبي، نائمة ليل نهار بغير مسئوليات تجاه أي كان، عاطلة أصارع بؤسي ومحنتي.» - اغفري لي، لقد جنيت في حقك مرة. - هل حدث ذلك؟ معقول، لا أذكر إطلاقا! - بل حدث، فلقد قلت لوالدك، لكي يرضى بزواجي منك، إنك حبلى. - معقول، ولكن ... ولكن ... - لا، لقد أخبرته بالأمس بكل شيء ولو أنه غضب مني، ولكنه سامحني وربما احترمني أكثر. - ولكن ماذا لو كان قد فاجأني بذلك؟ - أنا أعرف أنه لا يفعل، فلقد عاشرته سنوات طوالا، وأنا أعرفه أكثر من نفسي.
كثيرا ما كانا يقضيان الليل متجولين عبر الشوارع الفسيحة الفارغة إلا من عسكر الدورية وبعض المجندين الرسميين، السهرانين في أمكنة المدينة الشتى والمتشردين، «هذا شارع صلاح الدين الأيوبي الذي يتفرع منه شارع الثورة، حيث يفضي إلى مستشفى الحياة الجامعي، الذي أعمل به ويعمل والدك به أيضا، كل هذه المباني المبنية من الخيش والصفيح والكرتون يسكنها النازحون الفقراء. تلك هي سلخانة المدينة، والمبنى الضخم ذو الجدران الحجرية العالية الذي يقبع خلفها هو «السجن الكبير»، أما تلك فهي المقابر. الساعة الآن العاشرة، تبقى من زمن حظر التجوال ساعة واحدة، هل نتمشى قليلا على كبري الحرية؟!» - ماذا لو رآنا أحدهم؟! - أحرام أن يتمشى رجل وحبيبته، أو يجلسان على شاطئ؟
قالت وقد خنقتها عبرة عابرة: أنت رجل عظيم يا محمد، أنا أحبك. (نطقت الجملة الأخيرة بصعوبة وجهد.) - أنت متأكدة؟! أما أنا فأحببتك منذ أن عرفت كيف أراك. - فلنعد إلى المنزل. قالت بقلق، وهي تلوي عنقها لكي تنظر إليه نظرة مستقيمة فاعلة.
كان البيت بعيدا جدا، والشوارع الفسيحة يتمطى فيها الأسفلت الأسود البارد ليؤجل عن قصد وصول السيارة بزمن يعادل لهفتها إلى احتضان عبق البيت.
قالوا لها إنها محنة ابتلاك الله بها، وسيأجرك عليها ما صبرت. ولكنه قال إنها عملية تفاعل الجينات تفاعلا كيمائيا أو فيزيائيا، مما أدى إلى ظهور كثير من الصفات المتنحية أو صفة جديدة، وقد يكون للتزواج بين الأقارب منذ مئات السنين أثر ... و... «فكيف» يكون خلقا مختلفا فقط كما يقول؟! وإذا كان الأمر كذلك، لماذا يهرب مني؟ لا بد ... لا بد ...
قال: أنت تبكين؟!
مسحت دموعها بكبرياء وهي تتوكأ على كتفه وهما يلجان للداخل.
لم تندهش «أمل» الصغيرة لما طلبته منها، ولكنها أنجزته بجدية وإخلاص، فحفرت في المطبخ وسع دائرة صحف الطعام في عمق ذراع أو أكثر بقليل وبما زودتها أمها من حطب الطلح والشاف ذي الرائحة العطرة، أشعلت الحفرة ثم حجبت عنها الهواء إلى أن انطفأ لهب الطلح أو استحال إلى سحب من الدخان الرمادي الباهت، لفت أختها ببطانية الصوف الخشنة الرمادية العسكرية بعد أن أجلستها عارية على فوهة حفرة الدخان، ودلكت بشرتها الملساء الناعمة بزيت السمسم المختلط بعطر الكركار الزيتي والدلكة، كانت تعرف كل ما يدور برأس أختها «منى».
إنها تريد أن تصبح امرأة، امرأة كغيرها من النساء، ولكنها لا تعرف أن «منى» تريد أن تؤكد شيئا واحدا، شيئا ملحا إلحاحا مرا، وهو أنها إنسانة عادية، فقط بخلق مختلف، «خلق لم نعتد عليه».
أما دكتور محمد فإنه أصيب برجفة خفيفة، ولكنها نابعة من عمق الموقف والأسئلة الملحة، ولها بعدها الإنساني، وضع المجلة جانبا، ونظر إليها مشدوها وكأنه يراها لأول مرة. - منى؟! - هل هنالك شيء غريب؟!
Bilinmeyen sayfa