قال طومان منكرا: فلماذا لا يخافك طومان باي يا عم، وقد كنت أقدم منه ومن جانبلاط مملوكية وأرفع رتبة؟
فابتسم الغوري حتى برقت أسنانه وقال: لأنني صديق؛ ثم لأنني شيخ كبير قد زهد فيما يطمع فيه الناس، فهل سمعت أحدا يزعم أن الغوري تنازعه نفسه إلى العرش؟ لكل ذلك يا بني أمن الدوادار الكبير جانبي واطمأن ... وسيعلم علم اليقين كيف ينتهي تدبيره ...
وكانت الشمس قد آذنت بالمغيب، فرفع الغوري حاجبه ورمى ببصره نحو السماء وهو يقول: انظر يا بني، هل ترى هلال ذي الحجة قد بزغ؟
فنظر طومان ثم قال: نعم، قلامة ظفر توشك أن تغيب!
فأسبل الغوري جفنه وهز رأسه وهو يقول: نعم، قلامة ظفر توشك أن تغيب، وعلى العرش الليلة سلطان جديد، فإذا صح ما حدثني به أبو النجم الرمال، فسنكون في قصر القلعة يا طومان قبل أن يبزغ هلال ذي حجة آخر ... بل قبل ذلك بزمان.
ثم استدار نحو القبلة وتهيأ لصلاة المغرب، وخلف طومان يرقب هلال ذي الحجة قبل أن يغيب عن عينيه، فلما أفل ولى وجهه شطر دار أقبردي الدوادار يناجي خيالا عزيزا عليه لقاؤه، ثم سرح في أحلامه وخواطره ...
قالت أصل باي وقد اطمأن بها المجلس إلى جانب زوجها الأشرف جانبلاط: إن لي أمنية إليك يا مولاي: أن تجعل شكر هذه النعمة التي أفاء الله عليك المن على أخي الظاهر قنصوه بعتق رقبته من الموت...
قال السلطان باسما: لك ما تمنيت يا خوند!
قالت: ومصرباي - تلك الجركسية المشئومة - تأمرها أن تلزم دارها فلا يدخل عليها أحد ولا يخرج من دارها أحد!
قال: ولك ذلك أيضا يا خوند!
Bilinmeyen sayfa