مع أن قلقها من أن يفوتها القطار كان يسيطر عليها، استطاعت أن تبتسم للحمال ابتسامة خفيفة، وكأنما كان ينتظر أي لفتة تشجيع، دس يده داخل عنق قميصه المتسخ وأخرج حقيبتها.
نتشتها منه وهي تصرخ فرحا. تذكرت الحشد الموجود على المنصة، فاعتقدت أنه لا أمل لديها في أن تجد نقودها، لكن ربما كان هناك فرصة ضئيلة ألا يكون جواز سفرها قد سرق.
فتحت السحاب بسرعة بأصابع مرتعشة، فوجدت لدهشتها أن جميع محتويات الحقيبة موجودة؛ التذاكر والنقود وجواز السفر، وحتى فاتورة الفندق التي سددتها كانت لا تزال موجودة داخلها.
لقد أساءت الحكم على نزاهة أهل القرية، وهو خطأ أسرعت تحاول إصلاحه. أخيرا، ها هي في موقف تستطيع فهمه. كما جرت العادة، أتى منقذ ليؤكد معنى مربع الحماية على كفها. كان دورها الذي تمثل في دفع مبلغ زائد مقابل الخدمة المقدمة سهلا.
تلقت النسوة نصيبهن من تلك النفحة بتعبيرات متبلدة. يبدو أن الذهول صعقهن فلم يستطعن إظهار فرحتهن أو امتنانهن. أما الحاجب العجوز فارتسمت على وجهه ابتسامة ظافرة، والتقط حقيبة سفر آيريس كي يوضح لها أنه بدوره استوعب الموقف.
رغم مقاومتها لاحتسائه، أنعشها المشروب الكحولي الخام، وكذلك التغير الذي طرأ على ظروفها بشكل كبير. شعرت أن حيويتها ردت إليها وأنها صارت تملك زمام أمورها مرة أخرى وهي تظهر تذكرتها للحاجب.
كان وقع ذلك عليه كالصاعقة. ظل يثرثر بانفعال وهو يجذبها من ذراعها ويقودها مسرعا إلى الباب. فور أن مرا عبره، عرفت آيريس مصدر الصوت المتواصل الغريب الذي ساهم في جعل كابوسها أفظع.
كان صوت تدفق البخار الخارج من المحرك. ففيما كانت تهدر الدقائق النفيسة، وصل القطار إلى المحطة.
والآن هو على وشك المغادرة.
كان المشهد فوضويا على الرصيف. كانت الأبواب تغلق، والناس يهتفون بصيحات الوداع ويحتشدون أمام العربات. لوح أحد الموظفين بعلم وانطلقت الصافرة.
Bilinmeyen sayfa