لحسن حظها، قبل أن يتسنى لها الحصول على إجابات لتلك الأسئلة، دائما ما تنطفئ الشعلة مرة أخرى؛ لذا كانت هي أفضل حالا من إدنا بارنز، التي كانت في كامل قواها العقلية وهي تكابد عذابا ذهنيا مطولا.
كانت في بالغ سعادتها وهي تترقب آخر نزهة جبلية لها عندما رأت الخطاب في خانة المكتب. شعرت بغصة تحذيرية خففت قليلا من وقع صدمتها من فحوى الخطاب عندما رأت خط يد حماتها.
كتبت السيدة الجليلة تقول: «ظللت أتساءل ما هو التصرف الأمثل. لا أود إثارة قلقكما أثناء رحلتكما الطويلة، لكني على الجانب الآخر أشعر أنه يتعين علي أن أهيئكما لخبر مخيب للآمال. كنت آمل أن يكون جابريال في أفضل صحة عند عودتكما، وقد كان في أفضل حال حتى الآن، لكنه أصيب بنزلة برد في صدره. هو مرتاح للغاية الآن، ويقول الطبيب إن كل شيء يسير حسب أفضل التوقعات؛ لذا لا داعي لأن تقلقا.»
مرت إدنا بارنز بعينها في لمحة على الخطاب قرأت خلالها ما بين سطوره. إن كان غرض حماتها من كتابته هو إثارة قلقها، فقد نجحت تماما في مسعاها؛ فقد ضمنته جميع عبارات الطمأنة المألوفة. «لا داعي للقلق.» «حسب أفضل التوقعات.» «مرتاح.» تلك هي الصيغة المخففة للتعبير عن حالة ميئوس من شفائها.
فنزلة برد في الصدر قد تخفي وراءها التهابا شعبيا أو حتى رئويا، وقد سمعت أن تلك الأسقام إن أصابت رضيعا قوي البنيان فقد يقضي نحبه بعد بضع ساعات من المرض. كاد قلبها ينفطر وهي تتساءل إذا كان قد مات بالفعل.
ثم ناداها زوجها ليسألها عن فحوى الخطاب. كانت إجابتها: «حرير مارجريت روز.»
كذبت بدافع غريزة الحماية القوية كي تجنبه العذاب الذي تكابده. لم يكن ثمة داع لأن يعاني كلاهما، إن استطاعت أن تحمل هي عنه ألمه. أخفت عذابها وراء ابتسامتها المعتادة، وفكرت مليا في سبب للمغادرة إلى إنجلترا في اليوم نفسه.
بينما كان القس يتناول حزمة الشطائر منها تجهيزا لانطلاقهما في نزهتهما، استغلت حلم الآنسة روز فلود-بورتر التحذيري واتخذته ذريعة لذلك.
رغم خيبة أمله أذعن لطلبها . قررت الأختان أيضا ألا تجازفا عندما سمعتا أن زوجة القس قد غيرت خطتها بناء على هاجس تطيري. كان العروسان قد قررا سلفا الذهاب؛ وبذلك اكتمل خروجهما من الفندق.
للمرة الأولى، كانت إدنا بارنز سعيدة لأن زوجها يعاني من دوار الحركة في القطار. بينما جلس مغمضا عينيه كازا على أسنانه، حظيت بفترة راحة من الادعاء. كان سلوانها الوحيد أنها تعلم أنه في طريقها إلى المنزل؛ لذا عندما حدث ما قد يهدد بحدوث تأخير اضطراري في ترييستي، شعرت باليأس.
Bilinmeyen sayfa