أن تجرح، وبالأعراض أن تثلم، وبالذمم أن تسلم ولا تسلم، وأن يطوى بساط الرحمة، وينشر مسح النقمة، فلا يرحم كبير لكبره، ولا صغير لصغره، ولا يوقر عالم لعلمه، ولا ذو أدب لفضله وحلمه، ولا شريف لنسبه ولا منيف لحسبه، ولا غريب لغربته، ولا قريب لقرابته وقربته، ولا مسلم لإسلامه، ولا ذمي لذمامه، ولا ضعيف لضعفه، ولا جاهل لركاكة رأيه وسخفه وبالجملة فلا يبقى على أحد، ممن هو داخل البلدة فأما أهل المدينة فعلموا أنه ليس للجدال مجال، فضلًا عن ضراب وقتال وأن قبول الاعتذار محال وأنه ليس ينجيهم من ريب المنون مال ولا بنون ولا يقبل منهم في تلك الساعة عدل ولا تنفعهم شفاعة فتحصنوا بحصون الاصطبار، وتدرعوا دروع الاعتبار، وتلقوا سهام القضاء من حنايا المنايا بمجن تسليم المراد، واستقبلوا ضربات القدر من سيوف الحتوف بأعناق التفويض والانقياد، فأطلق في ميادين رقابهم عنان الحسام البتار، وجعل مقابرهم بطون الذئاب والضباع وحواصل الأطيار ولا زالت عواصف الفناء تحتهم من أشجار الوجود
1 / 68