الأتراك لأنهم ليس لهم في ذلك الوقت إدراك. ثم أشار اليهما فنزلا عن فرسيهما وصعدا إلى أعلى المكان فخلع عليهما السلطان وقلدهما إمارتان ونوه بذكرهما بين الاقران وتقيدا بالركاب ولازما في الذهاب والإياب. ثم خرج في اليوم الثاني وحضر الأمراء والعسكر المتواني فامرهم أن ينقسموا باجمعهم قسمين وينحازوا باسرهم فريقين قسم يكون رئيسهم ذا الفقار والثاني أخوه قاسم الكرار. واضاف إلى ذي الفقار أكثر فرسان العثمانيين وإلى قاسم أكثر الشجعان المصريين وميز الفقارية بلبس الأبيض من الثياب وأمر القاسمية أن يتميزوا بالأحمر في الملبس والركاب. وأمرهم أن يركبوا في الميدان على هيئة المتحاربين وصورة المتنابذين المتخاصمين فاذعنوا بالانقياد وعلوا على ظهور الجياد وساروا بالخيل وانحدروا كالسيل وانعفوا متسابقين ورمحوا متلاحقين وتناوبوا في النزال واندفعوا كالجبال وساقوا في الفجاج وأثاروا العجاج ولعبوا بالرماح وتقابلوا بالصفاح وارتفعت الأصوات وكثرت الصيحات وزادت الهيازع وكثرت الزعازع وكاد الخرق يتسع على الراقع وقرب أن يقع القتل والقتال فنودي فيهم عند ذلك بالانفصال. فمن ذلك اليوم افترق أمراء مصر وعساكرها فرقتين واقتسموا بهذه الملعبة حزبين. واستمر كل منهم على محبة اللون الذي ظهر فيه وكره اللون الآخر في كل ما يتقبلون فيه حتى أواني المتناولات والمأكولات والمشروبات والفقارية يميلون إلى نصف سعد والعثمانيين والقاسمية لا يألفون إلى نصف حرام والمصريين. وصار فيهم قاعدة لا يتطرقها اختلال ولا يمكن الانحراف عنها بحال من الأحوال ولم يزل الأمر يفشو ويزيد ويتوارثه السادة والعبيد حتى تجسم ونما واهريقت فيه الدماء. فكم خربت بلاد وقتلت امجاد وهدمت دور واحرقت قصور وسبيت احرار وقهرت اخيار.
وقيل غير ذلك وإن اصل القاسمية ينسبون إلى قاسم بك الدفتر دار.
1 / 41