Sayım Tersine
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Türler
12
سجلت مجلة «تايم» انطباعاتها عن الموقع:
سانتا سوزانا مكان رائع، مساحته ثلاثة أميال مربعة، وهو مكان محاط بسور ومزود بحراسة، وتكثر فيه نتوءات جيئة وذهابا، تتخللها صخور حمراء مستديرة. وينعطف طريق شديد الانحدار أعلى ممر سفلي، ثم يفضي إلى مجموعة مدهشة من المباني ذات الطابع المستقبلي. ولا توجد أرض طبيعية منبسطة، بل توجد مبان ضخمة، وخزانات ممتلئة، ومعدات اختبار عجيبة تقبع فوق الأجراف أو تقع بين الفجوات الصخرية. وكانت تقام منشآت جديدة بسرعة محمومة، ويعج المكان بعمال يرتدون الخوذات، وتتسلق البلدوزرات المناطق المرتفعة مثل الماعز الجبلي، بينما تزيل في طريقها أجزاء من الصخور الجبلية أمامها. كما يوجد مصنع قيد الإنشاء سيسحب 600 طن من الأكسجين السائل يوميا من الهواء.
وكانت الهياكل الصلبة الهائلة التي توضع فيها محركات الصواريخ تتوارى عن الأنظار في أودية ضيقة؛ مما يجعل أصداء أصواتها تتردد لأعلى. وكانت دعامات تلك الهياكل في قوة ركائز الجسور المعلقة، وتراها «منغرسة مثل خطاف الصنارة» في الصخور حتى لا تتزحزح بقوة دفع الصخور. وعلى مسافة سبعمائة قدم، كانت توجد مباني المراقبة التي تحتوي على نوافذ مزودة بمنظار لمراقبة الأفق. وعندما كان يتم اختبار محرك قوي، يندلع لسان ضخم من اللهب أسفل تلك النوافذ، مرتفعا في بعض الأحيان إلى أعلى في صورة عمود من النيران الصفراء، ويصدر صوت مدو كما لو كان صوت ضجيج نهاية العالم بين جنبات الصخور، وهو ما يجعل الأجساد ترتعش مثل الجيلي المهتز.
13
كانت عملية الإنشاء سارية أيضا في كيب كانافيرال، الذي حل محل وايت ساندز باعتباره مركز الصواريخ الرئيسي في البلاد؛ حيث كان المركز يقع في مواجهة المحيط الأطلنطي ويتوافر أمامه مدى مفتوح يمتد إلى عشرة آلاف ميل بدءا من خط الساحل. اختار البنتاجون هذا الموقع لاستخدامه كمركز اختبارات صواريخ في عام 1947، وسمحت الحكومة البريطانية فيما بعد للولايات المتحدة ببناء محطات تتبع في بعض جزر الباهاما، التي كانت على مرمى مباشر من موقع كيب كانافيرال. وأجريت عمليات الإطلاق الأولى في يونيو 1950؛ حيث نجح إطلاق صاروخين من طراز «في-2»، استخدمت فيهما صواريخ «دبليو إيه سي كوربورال» كصواريخ مرحلة ثانية، وهو نفس مزيج الصواريخ الذي تمكن من بلوغ ارتفاع 244 ميلا فوق موقع وايت ساندز في العام السابق لهذا. اتسع نشاط المركز بعد ذلك، ولكن دون تخطيط محكم. ولسنوات عديدة، ظل أبرز الصواريخ التجريبية التي انطلقت من هذا الموقع هو الصاروخ «سنارك»، وهو صاروخ طراز «كروز»، ينطلق بسرعة أقل من سرعة الصوت معتمدا على محركات نفاثة، لكنه سقط في نهاية الأمر في المحيط الأطلنطي؛ مما جعل الناس يشيرون إلى موضع سقوط الصاروخ ب «المياه المجتاحة بصواريخ سنارك».
كانت أرض الموقع منخفضة السطح، سبخة في بعض المواضع، تكتسي بالعفن الفطري وتعج بالناموس. وكان الناموس يتكاثف بعد سقوط الأمطار الغزيرة، التي كانت تسقط على فترات متكررة، حتى إنك قد تجد خمسين مليون ناموسة في فدان واحد من الأراضي السبخة المالحة؛ وفي المناطق الأسوأ، كان من يقف لمدة دقيقة واحدة فقط يغطي جسده أكثر من خمسمائة ناموسة. ويتذكر واحد من أقدم من عملوا في الموقع تلك الأيام قائلا: «الجميع كانوا يرتدون قمصانا ذات أكمام طويلة وقفازات، حتى في فصل الصيف. ولم يكن من الممكن ارتداء قميص أبيض؛ إذ كان الناموس يتجمع بكثرة على القميص محولا لونه إلى الأسود .»
لم يكتشف السائحون موقع كيب كانافيرال؛ إذ لم يكن يوجد نزل في الأرجاء المحيطة بالمكان، وكانت أقرب مدينة إلى الموقع هي تيتوسفيل، عاصمة المقاطعة، التي لم يتغير تعداد سكانها البالغ 2604 نسمات في عام 1950 كثيرا منذ التعداد الأخير. ولكن مع اقتراب ذروة العمل في مشروعات تطوير الصواريخ، خلال عامي 1954 و1955، اكتملت منشآت موقع كيب كانافيرال الرئيسية، التي كانت تشمل محطة رادار ومحطة قوى كهربية ومركز اتصالات ومركز إطفاء حرائق ومبنى تحكم مركزي، فضلا عن حظيرة طائرات وصواريخ. وكانت المنطقة لا تزال وعرة إلى حد كبير، مع وجود طيور برية وحيوانات المدرع التي تظهر في المنطقة بين الحين والآخر. أما الآن فالحاجة تقتضي التوسع في منشآت الموقع بسرعة؛ حيث كانت الصواريخ «نافاهو» و«فانجارد» و«جوبيتر» و«ثور» و«أطلس» و«تايتان» جميعها في حاجة إلى منصات إطلاق.
تصدر الصاروخ «ثور» قائمة الصواريخ الأخرى، وكان أول صاروخ ينطلق من منصة الإطلاق. ووضع المديرون جدولا زمنيا طموحا كان يتطلب إجراء عمليات إطلاق مبكرة كثيرة. ولم ينتظر المسئولون عن الصاروخ تصميم نظام توجيه حقيقي، كما لم ينتظروا أيضا تصميم نظام توجيه بالقصور الذاتي والإشارات اللاسلكية، ذلك النظام الذي ربما لا يستغرق تطويره وقتا طويلا للغاية، فبدءوا بدلا من ذلك بنظام طيران آلي بسيط، لا يضمن تحقيق دقة فعلية لكنه يسمح على الأقل بتحليق الصاروخ «ثور». وتعهد المديرون أيضا بالبدء قريبا في إنتاج الصواريخ التجريبية، وإن كان هذا سيتضمن بعض أوجه القصور في النموذج النهائي نظرا لغياب التطوير. وتوقع القائمون على المشروع أن تفشل بعض عمليات الإطلاق، لكنهم كانوا يتوقعون أيضا أن يتعلموا دروسا قيمة من تجارب الإطلاق، حتى إذا انفجرت الصواريخ.
كان الجدول الزمني يتطلب ألا تزيد الفترة، من لحظة توقيع العقد إلى عملية الإطلاق الأولى لصاروخ جاهز، عن سنة واحدة؛ وبحلول ثمانينيات القرن العشرين - وهي فترة كان فيها إصلاح الحلقات الدائرية في الصواريخ المعززة للمركبات الفضائية يستغرق ما لا يقل عن ثلاث سنوات - بدا هذا الجدول الزمني ضربا من السفه. ومع ذلك، اكتمل تصميم «ثورهيد» تقريبا في أواخر شهر يوليو من عام 1956، بعد سبعة أشهر فقط منذ بداية البرنامج. وفي أكتوبر من العام نفسه ، جرى نقل الصاروخ الأول، رقم 101، إلى كيب كانافيرال على متن قاذفة طراز «سي-124»، ثم أعقبه في نوفمبر الصاروخ الثاني رقم 102. وكان لا يزال نجاح عملية إطلاق الصاروخ «ثور» بحلول نهاية العام احتمالا قائما.
Bilinmeyen sayfa