Sayım Tersine
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Türler
انطلق فون براون من هذه الأفكار وطورها كثيرا، وكان من المقرر أن يبلغ قطر محطة نوردونج الفضائية مائة قدم، بينما كانت محطة فون براون أكبر بمقدار مرتين ونصف، وقادرة على حمل طاقم من ثمانين شخصا، ويتضمن هذا الطاقم رواد فضاء يباشرون تشغيل تليسكوب ضخم. وكان من المنتظر أن يدرس علماء الأرصاد الجوية، وهم ينظرون صوب الأرض، تكوينات السحب وأنماطها، وأن يتنبئوا بحالة الطقس.
في سبيل تلبية احتياجات الحرب الباردة، أكد فون براون على استخدام المحطة لأغراض الاستطلاع العسكري. وصرح فون براون أيضا بإمكانية استخدام المحطة كطائرة قاذفة تحلق على ارتفاعات شاهقة؛ حيث تلقي بالأسلحة النووية بدقة بالغة. ولبناء هذه المحطة، طالب فون براون ببناء أسطول من صواريخ نقل مأهولة، يزن كل منها سبعة آلاف طن، وهو ما يعادل وزن خمسة صواريخ من طراز «في-2». ولكن، كان من المنتظر أن تبلغ تكلفة البرنامج بأكمله - بما في ذلك الصواريخ والمحطة وكل شيء - 4 مليارات دولار أمريكي؛ أي ضعف ميزانية مشروع «مانهاتن».
كان من المفترض أن تستخدم المحطة الفضائية بمجرد الانتهاء منها واكتمالها كنقطة تجميع لبرنامج استكشافي طموح، وكان سيجري إرسال طاقم في رحلة مبدئية تدور حول القمر، لالتقاط صور لجانبه البعيد غير المرئي. وفي وقت لاحق، ربما بحلول عام 1977، حمل أسطول مؤلف من ثلاثة صواريخ طاقما من خمسين شخصا إلى باي أوف ديو؛ حيث ظلوا في الفضاء لمدة ستة أسابيع كانوا يتنقلون خلالها على نطاق واسع في مركبات متحركة. وفي نهاية الأمر، ربما لم يحدث إلا بعد قرن من الزمان أن نقلت بعثة فضائية أكثر جرأة رواد فضاء إلى كوكب المريخ.
بنهاية الأمسية، كان فون براون قد ظفر بتابع آخر هو ريان، الذي صار يعتقد الآن أن الرحلات الفضائية المأهولة لم تكن ممكنة فحسب، بل وشيكة أيضا؛ وعند عودته إلى نيويورك، أقنع ريان ماننج بأن الأمر لا يستحق مقالا واحدا فقط، بل سلسلة مطولة من المقالات قد تمتد إلى ثمانية أعداد من المجلة. دعا ماننج فون براون للمجيء إلى مانهاتن لإجراء مقابلات ومناقشات، بالمشاركة مع عدة خبراء آخرين، وكان من بين هؤلاء الخبراء ويلي لي، ورائد الفضاء فريد ويبل من هارفرد، الذي كان يعرف الكثير عن القمر وكوكب المريخ، وهاينز هابر، الخبير في القوات الجوية في مجال طب الفضاء الناشئ.
اهتمت مجلة «كوليرز» كثيرا - عند إعدادها لمقالاتها - بالحصول على أفضل الرسومات الملونة الممكنة، وكان من بين فناني المجلة تشيسلي بونستل، الذي أسس مجال فن الفضاء من خلال عرض تصورات متخيلة للكواكب عند رصدها عن قرب من الأقمار الصناعية القريبة. وأعد فون براون تصميمات ورسومات هندسية للصواريخ والمركبات الفضائية، استخدمها بونستل والفنانون الآخرون في وضع رسوم ملائمة في مقاله، ولم يقدموا الرسومات في صورتها النهائية إلا بعد تلقي تصويبات فون براون وتعليقاته عليها.
ظهرت السلسلة الأولى من المقالات في مارس 1952، وكانت صورة الغلاف عبارة عن صاروخ نقل لحظة مغادرة الغلاف الجوي، فوق المحيط الهادئ. وكان عنوان الغلاف يقول: «قريبا، سيغزو الإنسان القمر»، ويليه عنوان فرعي يقول: «كبار العلماء يشرحون السبيل إلى ذلك في 15 صفحة مدهشة». وداخل العدد، أشارت مقالة افتتاحية إلى حتمية غزو الإنسان للفضاء، وقدمت «تحذيرا عاجلا بأن الولايات المتحدة يجب أن تبدأ على الفور في وضع برنامج تطوير طويل المدى لضمان «التفوق الفضائي» للغرب.»
ظهرت سلسلة المقالات بينما كان ويلي لي يصدر طبعات جديدة ومحدثة من كتابه «الصواريخ ، والقذائف الصاروخية، ورحلات الفضاء». بالإضافة إلى ذلك، خلال عام 1951 نشر آرثر سي كلارك كتاب «استكشاف الفضاء»، الذي وقع عليه الاختيار من جانب نادي كتاب الشهر. لكن، رسمت مقالات مجلة «كوليرز» المسار. وفي أواخر 1952، نشرت مجلة «تايم» خبر الغلاف حول أفكار فون براون. ثم دخل والت ديزني في دائرة الأحداث؛ حيث هاتف لي من مكتبه في بربانك بكاليفورنيا، وكان ديزني يبني مدينة ديزني لاند، وهي مدينة ملاه في أناهايم، وكان من المنتظر أن يعلن عنها من خلال عرض برنامج تليفزيوني أسبوعي يحمل هذا الاسم على شبكة «إيه بي سي». وبمساعدة فون براون، أنتج ديزني فيلم «الإنسان في الفضاء»، وهو فيلم روائي مدة عرضه ساعة واحدة، بدأ العرض في أكتوبر 1954، وأعيد عرضه مرات ومرات، وأشارت الهيئات المختصة بتقدير حجم الجمهور إلى أن عدد المشاهدين بلغ اثنين وأربعين مليون شخص.
ظهر تأثير سيناريو فون براون بقوة خلال العقود التي أعقبت ذلك؛ حيث حددت مجلة «كوليرز» جدول أعمال ناسا للرحلات الفضائية المأهولة. وترددت كثيرا أصداء برامج الصواريخ المأهولة في مشروعات ناسا وخططها، وكان من بين تلك البرامج - على سبيل المثال - الصاروخ «ساتورن 5»، ومشروع بناء مركبة فضائية وعمليات الإنزال المأهولة على سطح القمر، ومشروع بناء محطة فضائية كبرى وإطلاق مركبة فضائية إلى المريخ لاحقا. ومع ذلك، بالنظر إلى جانب مهم فيها، سرعان ما صارت المحطة الفضائية - التي كانت جوهر الأمر برمته - مسألة عفا عليها الدهر.
تأصل مفهوم المحطة الفضائية في كتابات أوبيرت ونوردونج، في وقت كانت التكنولوجيا المفيدة الوحيدة في مجال الإلكترونيات هي الراديو. ركز هذا المفهوم على الرؤية القائلة بأنه ما دام الفضاء يفتح المجال أمام أنشطة مفيدة مثل عمليات الاستطلاع والرصد الجوي والاتصالات وعلم الفلك، فإن هذه الأنشطة جميعها سوف تعتمد على رواد الفضاء في تنفيذها؛ ومن ثم، كان من المنطقي أن يعيش رواد الفضاء معا في المحطات الفضائية، التي كان تصميمها يركز بالضرورة على تحقيق راحتهم.
في حقيقة الأمر، كانت استخدامات الفضاء ستعتمد بصورة كاملة تقريبا على المركبات الفضائية غير المأهولة؛ حيث يلعب رواد الفضاء أدوارا هامشية فقط. ولم يتوقع فون براون هذا، وكان على أتم الاستعداد لتصور قمر صناعي مجهز غير مأهول؛ «محطة فضائية صغيرة»، تحمل كاميرا تليفزيونية فضلا عن قرد صغير، لاختبار الآثار الطبية للأشعة الكونية وانعدام الوزن. ولكن، لم تكن هذه سوى بداية، وكانت الجهود الحقيقية تتمحور حول المحطة الفضائية، بمن عليها من طاقم عدده ثمانون شخصا يعملون بكل جد.
Bilinmeyen sayfa