Sayım Tersine
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Türler
مع ذلك، على الرغم من أن هذا العمل كان ينطوي على قيمة أكيدة، لم تخرج مركبة في بعثة متابعة لمركبة «سكايلاب». تضاءلت فائدة الدراسات الطبية الطويلة الأمد في ظل غياب الاحتمال في إرسال أي بعثة إلى المريخ. كان من المنتظر إطلاق مراصد مدارية أخرى في المستقبل لإجراء عمليات رصد للأرض ومحيطاتها فضلا عن الشمس، لكن كان من المقرر أن تكون غير مأهولة وأقل تكلفة بكثير ويستمر عملها لسنوات. ساهمت «سكايلاب» في سد الفجوة التي واجهتها ناسا في الفترة ما بين برنامج «أبولو» وبرنامج المكوك الفضائي؛ حيث استفادت من اختصاصيين كانوا سيسرحون، ومن معدات كانت ستوارى بين جنبات المتاحف. لكن تكلفتها كانت ستوفر ميزانية أربع سنوات لمؤسسة العلوم الوطنية، التي كانت تمول معظم البحوث الأساسية للبلاد في مجال الفضاء. على الرغم من أن «سكايلاب» حققت ثمارا علمية كبيرة، كانت تكلفتها المرتفعة تتناقض بشدة مع التكلفة المتواضعة لمشروعات قائمة وقتها مثل دراسة القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، واستكشاف أعماق البحار. كانت تكلفة المحطة تفوق ميزاتها، أو أكثر من أن تبرر إرسال رحلات أخرى إلى هذا المختبر الفضائي.
حظيت «أبولو» بلحظة انتصار أخيرة في منتصف عام 1975، عندما أقلت عملية الإطلاق الأخيرة للصاروخ «ساتورن 1-بي» مركبتها للالتحام بهدف غير معتاد على الإطلاق، وهو نظيرتها السوفييتية «سويوز 19». انبثقت هذه البعثة المشتركة من اتفاقية في عام 1972 بين نيكسون ورئيس الوزراء أليكسي كوسيجين، وكانت ترمز إلى فكرة مخادعة يجري تصويرها عبر الفضاء؛ فها هي المؤسسات والمعدات الصاروخية التي طالما تنافست قبل سنوات قليلة في الصعود إلى القمر، وسعت إلى إظهار التفوق القومي، تلتقي حاليا في الفضاء وتلتحم معا لتظهر كيف يمكن لهاتين القوتين العظميين أن تتعاونا.
من الصائب أن موسكو وواشنطن لم تعد كل منهما في وضع تناحر وصراع مع الأخرى، لكن كانت صداقتهما غريبة، إذا كانت تستحق فعلا أن تنعت بهذا الاسم. في عام 1972، نجح الروس في الصفقة المعروفة باسم «سرقة الحبوب الكبرى»؛ حيث استغلوا معرفتهم بأسواق السلع في إجراء عمليات شراء بكميات ضخمة زادت كثيرا من سعر القمح، ومن ثم ساهمت على نحو ملحوظ في التضخم. بعدها بسنوات، غزا الروس أفغانستان لإقامة نظام شيوعي، وهو ما جدد أزمة الحرب الباردة؛ لكنهم، مع ذلك، لم يضعوا صواريخ في كوبا أو يهددوا بالحرب للاستيلاء على برلين، وهو ما كان يعد قطعا تقدما إلى الأمام. لكن، على الرغم من أن المركبتين التحمتا في مدار ومكثتا معا قرابة يومين، لم يحدث أي التقاء بين برامج كلتا الدولتين. على غرار مركبة «فوستوك» في أوائل الستينيات من القرن العشرين، تقاربت روسيا وأمريكا لفترة مؤقتة في الفضاء قبل أن تنفصلا لتواصل كل منهما مسارها وبرامجها.
في موسكو، كان السوفييت يضعون اتجاها جديدا وسط حالة من التغيير الجذري الشامل في قيادة البلاد. كان الرجل المسئول عن وضع ذلك الاتجاه هو ديمتري أوستينوف، الذي اكتشف موهبة كوروليف قبل ثلاثين عاما. ظل أوستينوف صاحب نفوذ في موسكو؛ كان سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وكان في طريقه إلى شغل منصب وزير الدفاع لفترة جديدة. فتر اهتمام أوستينوف بالقمر في أعقاب نجاحات «أبولو»؛ كان ينظر حينئذ نظرة إيجابية إلى فالنتين جلشكو، مصمم المحركات المخضرم الذي كان قد انفصل عن برنامج كوروليف للهبوط على سطح القمر.
في الوقت نفسه، كان أوستينوف قد ضاق ذرعا بفاسيلي ميشن، الذي تسببت محاولته الطويلة لبناء صاروخ كوروليف القمري «إن-1» في تكون فوهات على الكوكب الخطأ. استمر البرنامج حتى بعد فشل محاولات الإطلاق الأربع من عام 1969 إلى عام 1972، لكن في مايو 1974، قرر أوستينوف ضرورة إقصاء ميشن، مدير البرنامج. حصل أوستينوف على موافقة رئيس ميشن وعلى موافقة رئيس الدولة ليونيد برجنيف، ثم أتى بجلشكو، غريم ميشن القديم، ليحل محله رئيسا للبرنامج.
في تلك اللحظة، كانت مركبتا إطلاق كاملتين طراز «إن-1» قد بلغتا تيوراتام، وهو ما كان يمثل عرضا مبهرا لإمكانية الصعود إلى القمر التي طالما تمتع بها السوفييت. كانت المركبتان جاهزتين للانطلاق في غضون الأشهر القليلة القادمة. استطاع جلشكو، بدعم من الكرملين، إلغاء عمليات الإطلاق التي كان مخططا لها، وإيقاف البرنامج إيقافا مؤقتا؛ وفي عام 1976، أنهى البرنامج تماما. كما أنه لم يسمح بعرض مركبتي «إن-1»، بل أمر بتدميرهما.
كانت هذه القرارات بمنزلة صدمة شديدة لطاقم المشروع؛ كتب أحد كبار المديرين لاحقا يقول: إن «أحدا لم يفكر على الإطلاق في الجهد المخلص الذي بذله آلاف الأشخاص الذين كرسوا أفضل سنوات عمرهم لمركبة «إن-1»؛ لم يقتصر الأمر على أنهم لم يعيروا الآخرين أي اعتبار فحسب، بل لم يقدموا أي تفسيرات. وإلى جانب استغنائهم عن «إن-1»، استغنوا أيضا عن مصمميه الذين كانت لا تزال لديهم القدرة على العطاء. عانى الكثير من هؤلاء المصممين من صدمة نفسية جعلتهم عاجزين عن الإتيان مجددا بأي شيء ذي قيمة مماثلة. كان هؤلاء أفضل العناصر في مكتب التصميم التابع لكوروليف».
9
لكن، لم تكن موسكو لتقيم نصبا تذكارية للفشل؛ ففضلت إلقاء «إن-1» في غياهب الذاكرة.
استغل بعض مكونات «إن-1» في استخدامات جديدة؛ صارت الصواريخ المرحلية، التي قطعت أطوالها إلى النصف، مرائب أو مباني تخزين، وأعيد استخدام خزانات الوقود على نحو جديد كمركز ترفيهي، وكظلة صيفية للاسترخاء، وكجزء من شبكة توزيع المياه للوحدات السكنية القريبة. كذلك، تحولت قبة على هيئة طبق هوائي إلى غرفة شمسية للحصول على بشرة داكنة. بالتخلص إذن من «إن-1»، استطاع جلشكو تركيز جل اهتمامه في موضوعه المفضل بخصوص الوقود المتطور. كان جلشكو هو من قاد تشلومي إلى عالم الوقود القابل للتخزين، إزاء اعتراضات كوروليف الحادة. انتقل جلشكو إلى الهيدروجين السائل، حيث صمم فئة جديدة من مركبات الإطلاق ذات الحمولات الثقيلة التي استخدمت هذا الوقود ونافست المكوك الفضائي لأمريكا. بعد فترة من العمل دامت عشر سنوات، كانت المحصلة هي الصاروخ «إنرجيا» التعزيزي ومركبة «بوران» الفضائية.
Bilinmeyen sayfa