Sayım Tersine
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Türler
كان لا يزال ثمة بعض الأشخاص المهمين المعارضين لإجراء عملية الالتقاء في مدار قمري، وكان أبرزهم جيروم فيزنر، المستشار العلمي للرئيس كينيدي. أقنع فيزنر جولوفين بترك سيمانز والعمل لديه. شن الرجلان هجوما عنيفا على قرار ناسا، وفي شهر سبتمبر، عندما حل كينيدي ضيفا على مارشال وسمع فون براون يصف أسلوب الالتقاء في مدار قمري، قال: «أتفهم أن الدكتور فيزنر لا يوافق على هذا التصور. أين جيري؟» تقدم جيري إلى الأمام، وناقش الموضوع مع فون براون أمام جميع الصحفيين حتى طلب منهما الرئيس أن ينتقلا إلى موضوعات أخرى.
تسببت معارضة فيزنر في تأخير تنفيذ ناسا لقرارها النهائي عدة أشهر، بيد أن مدير الوكالة، جيمس ويب، تشبث بموقفه. كان ويب مدير الميزانية لدى هاري ترومان، وكان يعلم بحصوله على ثقة كينيدي. تلاشى التحدي الذي كان يمثله فيزنر خلال شهر أكتوبر، ثم أكد ويب على التزامه على نحو جلي بإرساء عقد مركبة إنزال على سطح القمر. استقر الخيار على شركة «جرومان إيركرافت»، التي كان كبار مديريها قد حصلوا على ميزة إحراز السبق من خلال المساهمة في جهود هوبولت منذ عام 1960. في ظل إرساء هذا العقد على الشركة، في نوفمبر 1962، اتضحت الأمور بشأن العنصر الرئيسي الأخير في مشروع «أبولو ».
ساهم قرار مهم آخر، اتخذ خلال عام 1963، في تشكيل خطورة، إلا أنه ساعد في الإسراع كثيرا من تنفيذ المشروع. تضمن القرار التزاما بإجراء «عملية اختبار شامل»، بحيث يجري اختبار جميع الصواريخ المرحلية التي يشتمل عليها الصاروخ «ساتورن» اعتبارا من رحلة إطلاقه الأولى. كان الأسلوب التقليدي يقتضي إجراء عملية إطلاق أولية باستخدام صاروخ المرحلة الأولى فقط، تعقبها عمليات إطلاق لاحقة يجري من خلالها اختبار صاروخي المرحلتين الثانية والثالثة على التوالي. كان الصاروخ «ساتورن» الذي يشتمل على ثمانية محركات يسير على هذا المنوال؛ إذ استخدمت صواريخ تجريبية كمراحل عليا في أربع رحلات تجريبية في الفترة ما بين عامي 1961 و1963، ولم يحلق هذا الصاروخ التعزيزي باستخدام صاروخ مرحلة ثانية حقيقي حتى يناير 1964. لكن، على الرغم من أن عمليات الاختبار الشاملة هذه قد وضعت جميع مكونات الصاروخ «ساتورن 5» في سلة واحدة، فإن إجراء الاختبارات على هذا النحو كان سيمثل ضغطا كبيرا على جدولها الزمني، هذا في حال نجحت الاختبارات.
كان نموذج المركبة نتاج خبرة جورج مولر، الذي قاد جهود تطوير مركبات السبر القمرية «بايونير» لصالح القوات الجوية، عندما كانت عمليات تطوير هذه المركبات لا تزال في بداياتها حول العالم. تولى مولر مسئولية مماثلة في مشروع «أبولو»؛ حيث استعان به ويب كمدير مشارك في برنامج رحلات الفضاء المأهولة التابع لناسا. كان مولر قد أدخل مفهوم الاختبارات الشاملة في برنامج «مينتمان». عند إطلاقه لأول مرة في أوائل عام 1961، كان الصاروخ الرئيسي قد أطلق صواريخ المراحل الثلاث وحلق في مدى كامل، مستقطعا عاما كاملا من الجدول الزمني للبرنامج. فعل مولر شيئا مماثلا مع الصاروخ «تايتان 2»، وهو صاروخ باليستي عابر للقارات مكون من صاروخين مرحليين، كان يستخدم الوقود السائل. حقق الصاروخ نجاحا مشابها بعدها بعام.
عند توليه المسئولية في سبتمبر 1963، وجد مولر نفسه تحت ضغوط هائلة لخفض التكاليف. استجاب مولر إلى ذلك بما أطلق عليه ويب «خطوة جريئة جدا»؛ إذ أصدر مولر بعد شهرين تعليمات بأن تتضمن رحلة «ساتورن 5» الأولى جميع الصواريخ المرحلية الحقيقية، وأن يحمل نموذجا كاملا من مركبة «أبولو». ارتاب طاقم عمل فون براون في الأمر؛ ففي إطار عالمهم الذي كان يتضمن إجراءات حذرة وتدريجية، لم يكن من الممكن تنفيذ هذه التعليمات ببساطة؛ بيد أن فون براون أرسل ردا بعد تعليمات مولر بأسبوع قائلا: «لا يوجد سبب جوهري يعوقنا عن إطلاق «الصاروخ بكامل مراحله» في رحلة الإطلاق التجريبية الأولى.» كان هذا الإجراء أسلوبا مكملا لأسلوب هوبولت في عمليات الالتقاء في مدارات قمرية، وكلاهما أفضى بدوره إلى تحقيق نجاح كامل خلال ذلك العقد.
مع ذلك، بينما كانت ناسا تخطط لإجراء عمليات التقاء، كان كوروليف يبرهن على معرفته بكيفية إجراء تلك العمليات. كانت الرحلات المدارية التي قام بها يوري جاجارين وجيرمان تيتوف، خلال عام 1961، قد أكملت أهلية مركبته الفضائية القابلة للاسترجاع؛ إذ كانت المركبة جاهزة للاستخدام سواء مثل قمر «زينيت» الصناعي الاستطلاعي أم مركبة «فوستوك» المأهولة. بدأت رحلات «زينيت» في ديسمبر 1961، وعلى مدى العقدين التاليين وصل نحو أربعمائة مركبة منها إلى مدار حول الأرض. بالإضافة إلى ذلك، أتبع كوروليف رحلة تيتوف التي استغرقت يوما كاملا بإرسال مركبتي «فوستوك» إلى الفضاء في الوقت نفسه.
بدأت البعثة في 11 أغسطس 1962، عندما انطلق رائد الفضاء الروسي أندريان نيكولاييف في مدار من موقع تيوراتام، وفي اليوم التالي، قام بافل بوبوفيتش بالأمر نفسه. كان مسار المدار الذي انطلق فيه يتطابق كثيرا مع مركبة نيكولاييف؛ حيث كانت مركبته تميل بنفس درجة الميل التي بلغت خمسا وستين درجة عن خط الاستواء، وكان الفارق بينهما في الارتفاع يتراوح بين ثلاثة وأربعة كيلومترات فقط. استطاع طاقم الإطلاق ضبط التوقيت تماما؛ حيث سمحوا للمركبتين بالتقارب على مسافة تقل عن خمسة كيلومترات، وفوق ذلك كله، ظل نيكولاييف في الفضاء لأربعة أيام تقريبا قبل أن يعود إلى الأرض.
كان استعراضا رائعا في الدقة؛ ففي ظل تحليق المركبتين في مداريهما بسرعة ثمانية كيلومترات في الثانية، كان أي تأخير في عملية الإطلاق بمقدار ثوان معدودة من شأنه أن يؤجل هذا الالتقاء الوشيك إلى أجل غير مسمى ويجعله أمرا بعيد المنال. كانت مركبات «فوستوك» تحتاج إلى جهاز رادار وصواريخ مناورة على متنها لإجراء عمليات الضبط الدقيقة لمسار الرحلة اللازمة لإجراء عملية التقاء حقيقية. لكن، كان ثمة شرط أساسي يتطلب البرهنة على إمكانية إطلاق صاروخ تعزيزي في لحظة معينة، وتوجيهه نحو مدار محدد سلفا. أثبتت هذه البعثة أن الصاروخ «آر-7» الذي صممه كوروليف كان على المستوى المطلوب.
في يونيو 1963، كرر كوروليف هذه الرحلة المزدوجة، وكان أحد رائدي الفضاء في هذه الرحلة امرأة تدعى فالنتينا تريشكوفا. كان الجنرال نيكولاي كامانين، رئيس إدارة تدريب رواد الفضاء الروسيين، قد أمر بأن يشمل هذا الالتزام السوفييتي فكرة المساواة بين الجنسين، لكنها كانت نظرة محدودة. كان ثمة رواد فضاء آخرون هم في الأساس طيارو طائرات نفاثة، في حين لم تكن تريشكوفا على دراية بما هو أكثر من القفز الحر بالمظلات. تلقت تريشكوفا مهمة بوصفها ملازما في القوات الجوية، وحصلت على تدريب شامل وموسع في قيادة طائرات «ميج» ذات المقعدين، لكنها لم تقد طائرة قط بمفردها.
لكن، لم تكن مؤهلاتها السياسية تشوبها أية شائبة؛ فقد ولدت في عام 1937 في مزرعة جماعية قرب مدينة ياروسلافل. مات والدها، الذي كان سائق جرار، وهو يحارب الألمان. انتقلت العائلة بعد ذلك إلى المدينة، حيث عملت أمها في مصنع. تخرجت تريشكوفا في المدرسة الثانوية ثم حصلت على وظيفة في مصنع نسيج. كان ثمة فرع لرابطة الشباب الشيوعي في المصنع، فصارت عضوا نشطا؛ حيث شغلت منصب سكرتيرة الفرع. بعد رحلة جاجارين، كتبت خطابا تعبر فيه عن أملها في أن تخرج هي الأخرى في رحلة عبر الفضاء. لفت هذا الخطاب انتباه إحدى لجان الاختيار التي كان يرأسها الجنرال كامانين، والتي اختارتها مع أربع نساء أخريات باعتبارهن يمثلن الكتلة النسائية ليتلقين تدريبات على ريادة الفضاء.
Bilinmeyen sayfa