مضافان، أَو أَحدهمَا مُضَاف، فَوَجَبَ نصب مَا بعدهمَا للتنوين الْمُقدر فيهمَا وَجعل مَا بعدهمَا وَاحِدًا منكورا.
أما جعلنَا لَهُ وَاحِدًا فلأنهما قد دلا على مِقْدَار الْعدَد، وَبَقِي الدّلَالَة على النَّوْع، فَكَانَ الْوَاحِد مِنْهُ كَافِيا، إِذْ كَانَ مَا قبله دلّ على الْمِقْدَار وَالْعدَد.
وَأما جعلنَا إِيَّاه منكورا فَلِأَن النكرَة شائعة فِي جِنْسهَا، وَلَيْسَت بِبَعْض الْجِنْس أولى مِنْهُ بِبَعْض، فَكَانَت أشكل بِالْمَعْنَى الَّذِي أريدت لَهُ من الدّلَالَة على الْجِنْس، وَأدْخل فِيهِ من غَيرهَا، فَبين بهَا النَّوْع الَّذِي احْتِيجَ إِلَى تبيينه، وَذَلِكَ قَوْلك: أحد عشر رجلا، وَخمْس عشرَة امْرَأَة. فَأَما الْمُذكر فَإنَّك تَقول أحد عشر رجلا، وَاثنا عشر رجلا وَثَلَاثَة عشر رجلا، إِلَى تِسْعَة عشر رجلا.
فَأَما أحد، فالهمزة فِيهِ منقلبة من وَاو، وَقد أبنت ذَلِك وأوضحته بشرح الْفَارِسِي، وَكَذَلِكَ إِحْدَى عشرَة، وَقد أبنتها هُنَالك.
أما اثْنَا شعر [فَإِن قَالَ قَائِل هلا بنيتم اثْنَي عشر على حد وَاحِد، فَلَا تَتَغَيَّر فِي نصب وَلَا رفع وَلَا جر، كَمَا فَعلْتُمْ ذَلِك فِي أخواته قيل لَهُ: من قبل أَن الِاثْنَيْنِ قد كَانَ إعرابهما بِالْألف وَالْيَاء، وَكَانَت النُّون على حَالَة وَاحِدَة فيهمَا جمعيا، كَقَوْلِك: هَذَانِ الِاثْنَان، وَرَأَيْت الِاثْنَيْنِ، ومررت بالاثنين. فَإِذا أضفت سَقَطت النُّون، وَقَامَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه، وَدخل حرف التَّثْنِيَة من التَّغْيِير فِي حَال الرّفْع وَالنّصب والجر مَعَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مَا كَانَ يدْخلهُ مَعَ النُّون، فَلَمَّا كَانَ عشر فِي قَوْلك: اثْنَا عشر حل مَحل النُّون، صَار بِمَنْزِلَة الْمُضَاف إِلَيْهِ، وَلم يمْنَع تَغْيِير الْألف إِلَى الْيَاء فِي النصب والجر.] .
وَأما ثنتا عشرَة فَفِيهَا لُغَتَانِ: ثنتا عشرَة، واثنتا عشرَة. فَالَّذِي قَالَ: اثْنَتَا عشرَة بناه على الْمُذكر، فَقَالَ للمذكر: اثْنَان، وللمؤنث: اثْنَتَانِ، كَمَا تَقول: ابْنَانِ، وابنتان.
وَالَّذِي يَقُول: ثنتا عشرَة بنى ثنتا على مِثَال جذع، كَمَا قَالَ بنت، فأحلقها بجذع.
1 / 27