وهبه قعد في مكانه بعد هذا وذاك؛ لأن معمل التحليل لا ينشط به إلى الحركة في هذا الطريق، ولأن قضايا المنطق لا تزجيه إلى الجهاد في هذا الميدان - أفكاسب هو إذن؟ أفعاقل هو إذن؟ أفحق ما انتهى إليه وما انتهت إليه الجزيرة العربية من جراء سكونه وإحجامه؟
إن الجزيرة العربية لا تربح شيئا بذلك التمحيص المزعوم، وإن العالم الإنساني لا يزيد عقلا ولا علما ولا تحليلا ولا قضايا منطق بذلك الإحجام الذي استقر عليه، وإن أبا بكر لن يكون خيرا من أبي بكر، والدنيا لن تكون خيرا من الدنيا، والتفكير لن يكون خيرا من التفكير، بل كل من أولئك فاقد وخاسر ومنقوص.
وقصارى ما في الأمر أن رجلا شك فلم يعمل شيئا، ولم يدر أحد بأنه شك ولا بأنه لم يعمل، ولم ينتفع عقل الإنسان بما كان.
أفيفهم فاهم من هذا أننا نقول: إن العمل على خطأ خير من الشك على صواب؟
كلا! ... ليس هذا ما نقوله، وليس هذا ما نحن مضطرون إلى قوله بضرورة من الضرورات.
وإنما نقول: إن الشك إذن هو الخطأ، وإن برهان خطئه نفساني يقام له وزنه كما يقام الوزن للتحليل العلمي والقضايا المنطقية، وإنما الخطأ أن تحوج البطولة إلى الدخول في المعمل لتثبت لك قدرها، وتثبت لك حقها في الإعجاب، وحقها في العمل، وحقها في تحويل تاريخ الإنسان، ثم تثبت لك قدرتها عليه!
ليس المعمل محل هذا.
محل هذا نفس الإنسان.
وساءت الدنيا إن كانت نفس الإنسان لا تغنيه في تقويم النفوس، ولا سيما أعظم النفوس.
أفلا يروعني البطل إلا خلال الأنابيق والأنابيب؟
Bilinmeyen sayfa