İmam Ali'nin Dehası
عبقرية الإمام علي
Türler
وأما معاوية فضربه البرك بن عبد الله، وقد خرج الغداة للصلاة، فوقعت الضربة على إليته ... وقيل: إن الطعنة مسمومة لا يشفيها إلا الكي بالنار أو شراب يمنع النسل، فجزع معاوية من النار، ورضي انقطاع النسل، وهو يقول: «في يزيد وعبد الله ما تقر به عيني، وأمر بالرجل فقتل لحينه.»
وأما علي، فضربه ابن ملجم في جبينه بسيف مسموم، وهو خارج للصلاة، فمات بعد أيام وهو يحذر أولياء دمه من المثلة، ويقول لهم: «يا بني عبد المطلب ... لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين تقولون: قتل أمير المؤمنين، قتل أمير المؤمنين ... ألا لا يقتلن أحد إلا قاتلي ...» «انظر يا حسن! إن أنا مت من ضربته هذه فاضربه ضربة بضربة ولا تمثل بالرجل فإني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم
يقول: إياكم والمثلة ولو أنها بالكلب العقور.» •••
وهذه خاتمة فاجعة، ننظر في كل فرض من فروضها، فلا نخليها من المصادفة السيئة التي لا تلقى تبعتها على أحد بعينه.
فمهما يقل القائلون: إن عليا إنما أصيب لأنه كان لا يتقي أحدا، ولا يخرج إلى المسجد بحرس، فالواقع أن المصادفة السيئة قائمة هناك تفرق في عثرات الحظ بينه وبين زميليه اللذين سيقا معه إلى مكيدة واحدة ... فخرجا منها بحظين غير حظه، فإن ابن العاص لم ينج من القتل لأنه خرج إلى المسجد محروسا؛ ولكنه نجا لأنه لزم بيته في تلك الليلة، ومات صاحب شرطته الذي خرج في مكانه؛ ولم ينج معاوية لأنه خرج محروسا؛ ولكنه نجا لأنه أصيب وكانت إصابته غير قاتلة.
فهي المصادفة السيئة مهما تلتمس لها علة من علل التاريخ، ترجع بنا في آخر الأمر إلى علل المصادفات التي لا تقبل التعليل.
وشيء آخر تصوره لنا هذه الخاتمة الفاجعة، كما تصوره لنا البيعة كلها من قبل ابتدائها على ما بعد انتهائها ...
وذلك هو النسيج الإنساني النابض الذي يتخلل حياة علي في لحمتها وسداها، وفي تفصيل أجزائها وجملة فحواها، فما من حادثة من حوادث هذه الحياة النبيلة إلا وهي معرض حافل للعواطف الإنسانية برمتها، تلتقي فيه عوامل النخوة والشجاعة والوفاء والإيمان والسماحة، وتشتبك فيه مطامع الناس وأشواقهم وظواهرهم وخفاياهم ... ذلك الاشتباك الذي يخلقه الشعراء خلقا في القصص والملاحم، فلا يحكمونه بعض إحكام الواقع الملموس في سيرة الإمام. وقد أسلفنا في صدر هذا الكتاب أنها سيرة تلامس النفس الإنسانية في شتى نواحيها: تلامسها من ناحية العقيدة كما تلامسها من ناحية العاطفة، ومن ناحية الفكر كناحية الخيال، ومن ناحية التمرد كناحية الولاء، فإذا اتبعت السيرة بالخاتمة، فأي خيط من خيوط تلك الشبكة الإنسانية التي تنسجها القرائح لاقتناص الشعور وتقريب الخيال تفقده في هذه الخاتمة الفاجعة؟ أي باعث من بواعث القصص الدامية بأحاسيسها ولواعجها لا يرتعد هنا ارتعادا في كل فصل من فصولها، ومشهد من مشاهدها؟ يأس الكريم المغلوب وجرأة المحتال الغالب، وغرام المتهوس المجنون، وأريحية القتيل الموصي بمن اعتدى عليه، وحقد المرأة وخداع الجمال، وزيغ العقيدة، واستواء الإيمان، وفنون لا تحصى تجتمع من الشعور الموار واللهفة الدائمة في خاتمة حياة تسع ألف حياة. •••
وهذه مزية علي بين خلفاء الإسلام قاطبة ... ينفرد بها؛ لأنه انفرد بمثال من النفوس ومثال من العوارض الفردية والاجتماعية تؤلفه المصادفات في الأجيال الطوال، ولا تحسن أن تؤلفه بمشيئتها في كل جيل ...
Bilinmeyen sayfa