İmam Ali'nin Dehası
عبقرية الإمام علي
Türler
وكان هؤلاء هم الوزراء والنصحاء وأهل الثقة عند عثمان، ومن ورائهم مروان بن الحكم يلازمه، ويكفل لهم أن يحجب النصحاء عنه، وفي مقدمتهم علي وإخوانه ... ثم تفرق المؤتمرون وقد رد عثمان كل عامل إلى عمله، وأمره بالتضييق على من قبله ...
فكانت حيلة علي في تلك المعضلة العصيبة جد قليلة، وكان الحول الذي في يديه أقل من الحيلة.
إلا أنه مع هذا قد صنع غاية ما يصنعه رجل معلق بالنقيضين، معصوب بالتبعتين، مسئول عن الخليفة أمام الثوار ومسئول عن الثوار أمام الخليفة ...
جاءه الثوار مرة من مصر خاصة، يتخطون الخليفة إليه ويعرضون الخلافة عليه ... فلقيهم أسوأ لقاء، وأنذرهم لئن عادوا إليها ليكونن جزاؤهم عنده وعند الخليفة القائم، جزاء العصاة المفسدين في الأرض.
وجاءوه مرة أخرى وحجتهم ناهضة، ودليل التهمة التي يتهمون بها بطانة عثمان في أيديهم ... جاءوه بالخطاب الذي وجدوه في طريق مصر مع غلام عثمان، يأمر عامله بقتلهم بعد أن وعدهم خيرا، وأجابهم إلى تولية العامل الذي يرضيهم، فلم تخدعه حجتهم الناهضة، ولم يشأ أن يملي لهم في ثورتهم واحتجاجهم من جراء ذلك الخطاب المشكوك فيه، وجعلهم متهمين مسئولين بعد أن كانوا متهمين سائلين، فقال لهم: «وما الذي جمعكم في طريق واحد، وقد خرجتم من المدينة متفرقين كل منكم إلى وجهة؟ ...» •••
وكانت حيرة علي بين التقريب والإبعاد، أشد من حيرته بين الخليفة والثوار ... فكان يؤمر تارة بمبارحة المدينة ليكف الناس عن الهتاف باسمه، ويستدعى إليها تارة ليردع الناس عن مهاجمة الخليفة، فلما تكرر ذلك، قال لابن عباس الذي حمل إليه رسالة عثمان بالخروج إلى ماله في ينبع: «يا ابن عباس ... ما يريد عثمان إلا أن يجعلني جملا ناضحا بالغرب - أي: الدلو - أقبل وأدبر ... بعث إلي أن أخرج، ثم بعث إلي أن أقدم، ثم هو الآن يبعث إلي أن أخرج ... والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آثما» ...
ثم بلغ السيل الزبى، كما قال عثمان - رضي الله عنه - فكتب إلى علي يذكر له ذلك ويقول: «إن أمر الناس ارتفع في شأني فوق قدره ... وزعموا أنهم لا يرجعون دون دمي، وطمع في من لا يدفع عن نفسه:
فإن كنت مأكولا فكن خير آكل
وإلا فأدركني ولما أمزق»
فعاد علي، وجهد في إنقاذ الخليفة جهده، ولكنه كان يعالج داء استعصى دواؤه وابتلي به أطباؤه ... فكلهم يريد تغييرا يأتي من قبل الغيب أو يأتي من قبل الآخرين، ولا يغير شيئا من عمله أو مستطاعه، ولعل الخليفة لو شرع في التغيير المرجو يومئذ لما أجدى عليه عظيم جدوى، لفوات أوانه وانطلاق الفتنة من أعنتها، وامتناع التوفيق والصفاء بعد ما وقر في النفوس ولغطت به الأفواه ...
Bilinmeyen sayfa