وبينما هم في ذلك إذ جاء ساهر وقال: «إن الرسول يطلب الجواب حالا.»
فالتفت سعيد إلى الأمير فرآه ينظر إليه فقال: «اكتب إلى أبيك أنك أطعت أمره وأرسلت الجارية مع أستاذها، واطلب إليه أن يعيدها إليك بعد يومين. هل أكتب عنك لأنك مجهد بسبب الحمى؟»
قال عبد الله: «افعل.»
فتناول سعيد قرطاسا وقلما وكتب:
إلى أمير المؤمنين الناصر من ولده عبد الله
أما بعد، فقد أخذت كتاب سيدي الوالد الذي يطلب فيه الجارية الأديبة التي كان أخي الحكم قد طلبها لنفسه، فدفعته بالحسنى، على أن يكتفي بما منح من نعم الله وفضل أمير المؤمنين، ويترك لي هذه الجارية أتمتع بأدبها وغنائها في وحدتي وانقطاعي. ثم جاءني كتاب مولاي بإرسالها إليه ليراها ثم يعيدها، فأطعت وفعلت، وقد أرسلتها مع أستاذها سعيد الوراق، وهو الذي جاءني بها واشترط أن يكون في صحبتها ليقرئها الأدب ويحفظها الشعر، وهو أهل لثقة أمير المؤمنين، وعهدي بالوالد - حفظه الله - أن يعمل بما قال، وعنده ألوف من الجواري الحسان على اختلاف الأصناف، فلا يبخل علي بهذه وقد استأنست بأدبها، وهو فاعل إن شاء الله.
ودفع الكتاب إلى الأمير عبد الله، فقرأه ووقع عليه باسمه ودفعه إلى ساهر ليعطيه للرسول، واستأذن في الذهاب إلى عابدة، وكانت في غرفتها تنتظر أمر عبد الله في الخروج إليه، فلما رأت سعيدا قادما إليها خفق قلبها فرحا برؤيته، فهش لها وسلم عليها ومد يده لمصافحتها، فصافحته وقلبها يرقص فرحا، ولبثت تنتظر ما يقول.
فأجلسها وجلس إلى جانبها وهو ينظر في عينيها، فلم تتمالك إلا الإطراق فقال: «قد وفقت إلى ما يسرك.»
فأجفلت وقالت: «هل آن لنا أن نجتمع؟»
قال سعيد: «نعم.»
Bilinmeyen sayfa