قال سعيد: «نعم، وهل تستغرب ذلك؟ فكيف إذا عرفت أنها تعي هذا الكتاب وعشرات مثله في ذهنها، فلا تسألها عن شعر جاهلي أو إسلامي إلا ذكرته.»
فقال الفقيه: «ما شاء الله. إن ذلك نادر بين النساء.»
فقال سعيد: «هذا إلى أنها تحسن الغناء والعزف على العود.»
فدهش الفقيه وجلس يفكر فيما سمعه، وقال: «وأغرب من ذلك أنها نصرانية، أو يهودية على ما أظن!»
قال سعيد: «كلا، بل هي مسلمة.»
قال الفقيه: «ولكني أراها سافرة الوجه! وأضن بهذا الجمال أن تبتذله العيون.»
فالتفت سعيد إلى الفتاة كأنه يطلب إليها أن تجيب عن نفسها، فقالت بألفاظ رخيمة لها وقع على النفس أشد من وقع معانيها: «لا أرى مبررا لتغطية الوجه إلا ضعف النفس، وإني على رأي عائشة بنت طلحة؛ فقد كانت تجالس الرجال، ولا تحجب وجهها عنهم، ولما سئلت عن ذلك قالت: إن الله تبارك وتعالى وسمني بميسم جمال أحببت أن يراه الناس ويعرفوا فضله عليهم، فما كنت لأستره، ووالله ما بي وصمة يستطيع أن يذكرني بها أحد.»
فلما سمع الفقيه كلام الفتاة زادت دهشته، والتفت إلى سعيد وقال هامسا: «من هي؟»
فقالت عابدة بألفاظ رخيمة لها وقع على النفس أشد من وقع معانيها: لا أرى مبررا لتغطية الوجه إلا ضعف النفس، وإني على رأي عائشة بنت طلحة.
قال سعيد: «هي جارية من مولدات بغداد.»
Bilinmeyen sayfa