Abdurrahman Nasır

Curci Zeydan d. 1331 AH
170

Abdurrahman Nasır

عبد الرحمن الناصر

Türler

فقال سعيد: «سنتفق على وقت نخرج فيه خلسة إلى مقر أخيك. لا أستطيع أن أتصور فرحك به ساعة اللقاء، وسيخبرك هو كيف أنه مدين لي بحياته، ولولاي لم يبق حيا.»

فكان لهذا التعبير وقع حسن على قلبها، فابتسمت وقالت: «أنت كنت السبب في حفظ حياته؟ شكرا لك.»

قال سعيد: «لا فضل لي في شيء من ذلك ؛ لأني فعلت ما يدفعني إليه شعوري، فإن حبك يا حسناء قد استولى على كل جارحة من جوارحي. ألا أفعل ما يرضيك! وهل يكون لي فضل إذا فعلته؟! والآن دعيني أعلمك لحنا تغنينه للناصر إذا سألك عما تعلمته.»

قالت الزهراء: «حسنا»، ونادت جوهرا فأتى وعاد إلى خدمتها، فعلمها سعيد لحنا، ثم ودعها وقد اتفق على موعد المجيء في الغد لتعليمها. ومضى وقد مالت الشمس إلى المغيب، وسار توا إلى غرفته، وكان الخليفة قد نزل إلى غرفته في ذلك النهار لظروف سياسية اقتضت مقابلة بعض السفراء من ملوك النصارى المجاورين، وكان يفضل أن يقابلهم في قصر قرطبة.

أما سعيد فمكث في غرفته، فجيء إليه بالعشاء فتناوله، ولم يخرج من تلك الغرفة لأنه أحب الخلوة ليفكر في إتمام الحيلة للفرار بالزهراء من تلك القصور.

الفصل الثامن والخمسون

الواقع

ذهب سعيد إلى فراشه، وقد أنهكه التعب لشدة ما أثر ذلك الحديث في نفسه، وقد كان يترقب هذه المقابلة منذ أعوام عديدة، وقد سعى إليها وبذل كل رخيص وغال في سبيل الوصول إليها، وهو يعلم الخطر المحدق به، ولكنه جن بحب الزهراء، ولم يعد يحسب للحياة حسابا، ورغم ما رأيت من تعقله ودهائه فإن حبه الزهراء غلب على عقله وأخذ بمجامع قلبه. وليس للعقل سلطان على قلوب المحبين؛ فقد تجد الرجل العاقل يقيس الأمور ويحلل أسبابها ونتائجها، وقد أوتي الحكمة وفصل الخطاب، فإذا استولى الحب على قلبه ارتكب من الهفوات ما يتنزه عنه الجهلاء، وهو يرى أنه عاجز عن تجنبه، وإذا فكر فيما يأتيه من الخفة والطيش في سبيل الحب خجل من نفسه، ولا يرى له مندوحة للخلاص من تلك الشراك. •••

كان سعيد قد أحب الزهراء وافتتن بها منذ رآها في صقلية - وكان قد ذهب إلى تلك الجزيرة في مهمة سياسية من قبل المهدي صاحب إفريقية - فغلبت على عقله وأراد أن يستأثر بها لنفسه، وركب السفينة معها على أن يحتال في اجتذاب قلبها، ثم يبحث عن السبيل للفرار بها. أما هي فلما وقع نظرها عليه أحست بنفور منه، وصار كلما اقترب منها ابتعدت عنه وهي تزداد نفورا، حتى فضلت أن يأخذها اللصوص على أن تبقى بقرب ذلك الرجل.

أما هو فأخذ أخاها معه ورباه على الغرض الذي أجمع عليه العبيديون في إفريقية، وهو كره آل مروان في الأندلس، والسعي في الاستيلاء على مملكتهم، وكان سعيد من كبراء هذه الشيعة وله نفوذ كبير عند المهدي العبيدي ومن جاء بعده على عرش الخلافة الفاطمية في القيروان، وقد عهدوا إليه بأغراضهم، وكانوا قد بثوا هذه الروح في كثيرين من كبراء القواد في الأندلس نفسها، ومنهم الجمعية التي كانت تجتمع في قرطبة سرا كما رأيت. •••

Bilinmeyen sayfa