قالت الزهراء: «أعرفه.»
فمد يده إلى جيبه وأخرج رقا ملفوفا في منديل. تناوله وفتحه وقال: «اقرئي.»
فقرأت سطرا مكتوبا بالدم هذا نصه:
أنا سالم صاحب النقمة، أعاهد أنصار الحق أني أبذل حياتي في سبيل قتل عبد الرحمن الذي يسمى الناصر.
كتبه سالم
صاحب النقمة
فأخذت تقرؤه وتعيد قراءته، وتتفرس في الخط، فإذا هو خط أخيها نفسه، فرفعت بصرها إلى سعيد فحدق هو فيها عنوة، فأحست بتيار كهربائي سرى في عروقها، فأضعف عزيمتها، فتولاها الخوف على نفسها وعلى أخيها، فوقفت مبهوتة لا تبدي حراكا، ولف سعيد الرق في أثناء ذلك ووضعه في جيبه وهو يقول: «ما رأيك الآن يا حسناء؟»
فشعرت بقوتها تنهار، ولم تعد تستطيع الوقوف، فجلست على البساط وأطرقت وظلت ساكتة.
فقال: «هل رأيت أني ناصحك، وأني أتيت لإنقاذك وإنقاذ أخيك؟ ألا ترين أني قادر على أن اقتله بكلمة واحدة؟ ارجعي عن جفائك وقسوة قلبك وارحمي قلبا كاد يذوب شوقا إليك. إن سليمان الذي رأيته على ظهر تلك السفينة يوم خروجك من صقلية رجل يحبك ويهواك، وما أنا ربان السفينة يا حسناء، ولا أنا خادم فيها، وستعلمين متى أخلصت الحب لي أني أهل لمحبتك، لقد ركبت الأخطار في سبيلك، ولو علمت حقيقة ما فعلته من أجلك لم ترفضي طلبي، وسوف تعلمين، ولا يغرنك ما ترينه من القصور والزخارف، إنها لا تلبث أن تذهب ولا يبقى غير الحب . ها أنا أعرض عليك هذه النعمة فلا ترفضيها.»
الفصل السابع والخمسون
Bilinmeyen sayfa