فرفعت بصرها إليه وتفرست فيه وهي تتجلد وقالت: «كلا، بل أنت لص غادر.»
فضحك وقال: «لست لصا. إنما اللص من يخون ولي نعمته ويختلي بالغرباء، يأتي بهم إلى قصر الخليفة في أثواب النساء.»
فصاحت الزهراء: «ويلك! إنك شيطان، بل أنت عفريت من العفاريت.»
فقال بصوت هادئ: «أنا من أنا، فالأفضل لك أن ترجعي إلى رشدك، وتتكلي علي؛ إذ ليس لك من يفرج كربك سواي.»
فتماسكت ووقفت وهي تفرك عينيها ولا تصدق أنها في يقظة، وصاحت به وقالت: «قل لي. قل من أنت حالا!»
قال سعيد: «أقول أم تكتفين بما قلته؟»
قالت الزهراء: «قل، قل سريعا» وعيناها تبرقان من الدهشة، وشفتاها ترتجفان من الغضب، وقد شخصت فيه.
فقال سعيد: «أنا سليمان.»
فلما سمعت اسمه صرخت ووقعت مغشيا عليها، فبادر إلى رشها بعطر كان معه حتى أفاقت، وحين فتحت عينيها ورأته تراجعت وغطت وجهها بيديها، وقالت: «أنت سليمان! إنك أصل بلائي. سوف أريك عاقبة عملك. ألا تزال تتعقبني وكنت السبب في ضياع أخي.» قالت ذلك ونهضت وهمت بالخروج كأنها تريد أن تستعين عليه بأحد، فأمسك بيدها وأوقفها وقال: «تمهلي ولا تلقي بيديك إلى التهلكة. اعلمي أن حياتك وحياة أخيك في يدي.»
الفصل السادس والخمسون
Bilinmeyen sayfa