الفصل الحادي والستون
الفتك
فلما سمع الرشيد قولها وما فيه من الجرأة، لم يعد يصبر على رؤيتها، فانتهرها قائلا: «أراك تماديت في القحة، وقد أخطأت لأني أفسحت لك مجال القول، وقد نفد صبري وآن لي أن أفرغ منك.» ثم نادى: «مسرور.»
فدخل ذلك الفرغاني الغليظ القلب وحسامه إلى جانبه، فلما رأته العباسة استعاذت بالله من رؤيته، وتحققت من قرب منيتها، فالتفتت إلى الرشيد وقالت: «إني مقتولة الآن لا محالة، وليس من يدفع عني هذا القضاء. فإذا كنت لا تصدقني بدفاعي عن نفسي، فإني أتوسل إليك أن تصدقني في جعفر؛ فإنه لا يستحق القتل، ولا ذنب له في شيء مما تتهمه به، وارفق بالطفلين.» قالت ذلك وخنقتها الدموع.
أما الرشيد فحين دخل مسرور صاح فيه: «هل أوصدت أبواب القصر وحبست أهله؟»
فقال مسرور: «نعم يا مولاي.»
قال الرشيد: «وأين الخادمان والفعلة الذين أتيت بهم معك؟»
فقال مسرور: «هم على مقربة منا. هل أدعوهم؟»
قال الرشيد: «ادع الخادمين فقط.»
فخرج مسرور ثم عاد ومعه خادمان يحملان صندوقا كبيرا، فلما رأت العباسة ذلك تحققت من أنها مقتولة، والتفتت إلى أخيها فرأته قد حول وجهه عنها وأشار إلى مسرور، فهجم عليها بالسيف، فقالت لأخيها: «أنت مصر على قتلي؟ ألا تخشى الله في؟ تقتلني لأني أطعت الله وعصيتك، ولكنكم - معاشر الرجال - تحللون لأنفسكم ما تحرمونه على نسائكم. أمن العدل
Bilinmeyen sayfa