وكان إسماعيل يتكلم وهو يرقب ما يبدو من الرشيد وكأنه قرأ في وجهه قرب استيائه من ذلك الثناء، وأنه لا يرضيه إلا ما يقوي عزمه على الفتك بهم، فاستدرك قائلا: «ولا أنكر أنهم من الجهة الأخرى قد استأثروا بالأموال - والإنسان مطبوع على الطمع - ولكني علمت عن ثقة أن الأموال التي تجمع من غلتهم في كل عام مهما كثرت، فإنهم يوزعون معظمها على أهل الفاقة.»
فضحك الرشيد اغتصابا وهز رأسه وقال: «لا يفعلون ذلك على سبيل الإحسان، ولكنهم يبتاعون الأحزاب، ولا يلبثون أن يجندوا علينا الجند.» قال ذلك وتنهد.
فابتدره إسماعيل قائلا: «معاذ الله.»
فقطع الرشيد كلامه وقال وهو مقبل عليه: «كيف لا ووزيرنا الذي دعوته أخي يمالئ العلويين علينا؟»
فأجفل إسماعيل وقال: «يمالئهم؟»
فقال الرشيد: «نعم. إنه أطلق سراح يحيى بن عبد الله.»
فقال إسماعيل: «يحيى العلوي؟»
قال الرشيد: «أطلق سراحه بدون إذني، ولا شك في ذلك وقد اعترف هو نفسه به.»
فلم ير إسماعيل بابا للدفاع، وتحقق أن الرشيد لن يرجع عن غضبه بعد ذلك؛ لعلمه بما في نفسه على الشيعة العلوية، فقال: «إنها جسارة وتطاول. وهل تظنه فعل ذلك عن عمد وقصد سيئ؟»
فقال الرشيد: «مهما يكن من قصده، فإن فعله هذا لا أستطيع الصبر عليه.»
Bilinmeyen sayfa