فسأل فرعون: وماذا وراءك يا أبا ددف الباسل؟
فقال الرجل بصوت أشد خفوتا، وهو ينظر إلى الأرض: مولاي لست أبا لددف ولا ددف ابنا لي.
فعجب فرعون لإنكار بشارو، وقال بتهكم: بالأمس أنكر ابن أباه، واليوم ينكر أب ابنه!
فقال بشارو بتألم وحزن: مولاي! تعلم الآلهة جميعا أني أحب هذا الشاب محبة الأب لابنه، وما كنت أقول هذه الكلمة لولا أن إخلاصي للعرش أكبر في نفسي من شتى العواطف الإنسانية.
فزاد عجب الملك وبدا الاهتمام على وجوه الحاضرين جميعا، وخاصة الأمراء الذين تمنوا للشاب شرا ينقذهم من قضاء الملك، وردد الجمع أنظاره بين المفتش بشارو وبين ددف الذي امتقع لونه وجمد بصره.
وسأل الملك مفتش أهرامه: ماذا تعني أيها المفتش ؟
فقال بشارو وعيناه إلى أرض الحجرة: مولاي ... إن ددف هذا ابن كاهن رع السابق من رع.
فنظر إليه فرعون نظرة غريبة تلوح فيها الأحلام، وازداد اهتمام الجمع المنصت، وقلقت أعين خوميني وميرابو وأربو، أما فرعون فتمتم بذهول وروحه تسبح في ظلمات الماضي البعيد، وكأنه يحدث نفسه: رع! ... من رع كاهن رع ...!
وكان المعمار ميرابو أشد ذكرا لذاك اليوم الهائل الذي حضرت حوادثه في وجدانه، فقال بغرابة: ابن من رع! ... هذا بعيد عن التصديق يا مولاي، لقد مات من رع وقتل طفله في ساعة واحدة.
وأتت الذكرى فرعون في هالة من النيران، فارتجف قلبه الضعيف المتهالك وقال: نعم، لقد ذبح ابن من رع على فراش ولادته، فما هذا الذي تقوله أيها الرجل؟
Bilinmeyen sayfa