ونظر إليه صاحب البيت نظرة سخط واشمئزاز، وقال له: «ما هذا؟ مربى، ورقاق، لم أكن أعرف أنك مبطان نهم إلى هذا الحد؟ وقليل الذوق أيضا؟ حلواء في مأتم! أفلا انتظرت حتى ينفض المأتم؟ أم شامت أنت بي؟ لعنة الله عليك وعلى والديك! قم ... قبحك الله! ولا ترني وجهك!»
فهم الرجل بأن يقول شيئا، فقد كان مظلوما ولا ذنب له، ولكن سيده أبى أن يسمع والتفت إلينا وقال: «إن هذه فضيحة والله! الخير كثير والحمد لله، وفي وسعه أن يأكل ما شاء، ويشبع، إذا كان يمكن أن يشبع، فانظروا ماذا صنع؟ وبأي شيء يجزيني وقد ربيته وكفلته ولم أزل به حتى جعلته وكيلا لي، وأمينا على أملاكي! يشتري حلواء ومربى ورقاقا ليأكلها خفية في مأتم ابني! اخرس يا كلب! ولك وجه تقابلني به يا كافر النعمة! والله لولا أنك حقير لأفرغت في قلبك الآن الرصاص. امش ... اخرج من عندي ...»
فقلت: «شيء فظيع!»
وارتددت إلى غرفتي ساخطا. •••
ولبثنا ساعة نمزق أديم هذا الوكيل الشره الجحود الذي يأبى إلا أن يأكل حلواء في مأتم ابن سيده! وأصبح الصباح فاستأنفت ألسنتنا هجوه وذمه، وكنت أشعر بعطف عليه ومرثية له، ولكني لم أكن أستطيع أن أذكر الحقيقة فأحول إلى نفسي كل هذا اللعن الذي ينصب على رأسه، ودنا مني الشاب قريبي الذي كان سببا في كل هذا، وسألني همسا: «أتعرف حقيقة ما حصل أمس؟»
قلت: «لا، ولا أزال مستغربا ما كان من هذا الوكيل.»
قال: «إنه مظلوم!»
قلت: «يا شيخ! كيف يمكن أن يكون مظلوما وقد رأيناه بأعيننا؟»
قال: «والله إنه لمظلوم!»
قلت: «ربما يا أخي! العلم عند الله!»
Bilinmeyen sayfa