(قال الفقيه): يستحب للعاطس أن يخفض صوته بالعطاس ويرفع صوته بالتحميد ليسمع الناس لأن التشميت إنما يجب عليهم إذا سمعوا بعد ما حمد. وروي عن ابن عمر أنه سمع رجلا عطس، فقال له ابن عمر: يرحمك الله إن كنت حمدت الله. وروي عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من عطس ثلاث عطسات فقد استقر الإيمان في قلبه)) وروى مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: ((إن عطس الرجل فشمته، ثم إن عطش فشمته، ثم إن عطس فقل له: إنك لمضنوك)) قال عبد الله: لا أدري النهي بعد الثالثة أو الرابعة. وقال أبو هريرة: شمت العاطس ثلاثا فإن زاد فهو مزكوم. وقال الشعبي: تشميت العاطس مرة كالسجدة يسجدها مرة فإن عاد لم يسجد. وروي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ((أنه كان إذا عطس نكس رأسه وخمر وجهه وخفض صوته)).
(قال الفقيه) رحمه الله: إذا عطس الرجل فحمد الله غيره فهو حسن. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من سبق العاطس بالحمد لله أمن من الشوص واللوص والعلوص)) قال أهل اللغة: الشوص وجع الضرس، ويقال وجع الظهر، واللوص وجع الأذن، ويقال وجع الجنب، والعلوص وجع البطن.
الباب الثامن والثلاثون بعد المائة: في مداراة الناس
(قال الفقيه) رحمه الله: يستحب للرجل أن يداري الناس ويترك المنازعة والخصومة ما أمكنه. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أول ما نهاني عنه ربي بعد عبادة الأوثان عن شرب الخمر وملاحاة الرجال)) وروى جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مداراة الناس صدقة)) وروى سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس)) وقال بعض الحكماء: من عصى والديه لم ير السرور من ولده، ومن لم يستشر في الأمور لم يصل إلى حاجته، ومن لم يدار مع أهله ذهبت لذة عيشه، ويستحب للرجل إذا دخل منزله أن يسلم على أهله، ولا يتكلم حتى يستكمل الجلوس وإذا تكلم تكلم بالرفق والمداراة والمودة لأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: ((خيركم خيركم لأهله)) وقال الله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف}، وعن سفيان الثوري أنه قال: إذا غضبت امرأتك وجهلت عليك فاضرب كفك بين كفيها وقل اخرج أيها الرجس الخبيث من جسد طيب فيخرج بإذن الله تعالى. وقال عمرو بن ميمون: ثلاثة من العواقر، وثلاثة لا يستجاب لهم، وثلاثة لا يدخلون الجنة. فأما العواقر فأمير إن أحسنت إليه لم يشكر لك وإن أسأت لم يغفر لك، وجار إن رأى منك حسنة لم يفشها وإن رأى سيئة لم يدفنها، وزوجة إن شاهدتها لم تقر عينك بها وإن غبت عنها لم تطمئن إليها. وأما الذين لا يستجاب لهم فرجل دعا على ذي رحم محرم منه، ورجل تداين بدين إلى أجل مسمى ولم يشهد عليه، ورجل يقول لزوجته اللهم أرحني منها يقول الله تعالى بيدك أمرها فإن شئت فطلقها وإن شئت فأمسكها. وأما الذين لا يدخلون الجنة فعاق والديه، ومدمن خمر، ومنان، والله أعلم.
الباب التاسع والثلاثون بعد المائة: في الأمثال
Sayfa 407