والخطابة والخطاب اشتقا من الخطب والمخاطبة لأنهما # مسموعان، فمن أوصاف الخطابة أن تفتتح [الخطبة] بالتحميد والتمجيد، وتوشح بالقرآن وبالسائر من الأمثال، فإن ذلك مما يزين الخطب عند مستمعيها وتعظم به الفائدة فيها، ولذلك كانوا يسمون كل خطبة لا يذكر الله -عز وجل - في اولها البتراء؛ وكل خطبة لا توشح بالقرآن ولا بالأمثال الشوهاء. ولا يتمثل في الخطب الطوال التي يقام بها في المحافل بشيء من الشعر، فإن أحب أن يستعمل [ذلك] في الخطب القصار وفي المواعظ والرسائل فليفعل، إلا أن تكون الرسالة إلى خليفة فإن محله يرتفع عن التمثل بالشعر في كتاب إليه، ولا باس بذلك في غيرها من الرسائل، وأن يكون الخطيب أو المترسل عارفا بمواقع القول وأوقاته واحتمال المخاطبين له، فلا يستعمل الإيجاز في موضع الإطالة فيقصر عن بلوغ الإرادة، ولا الإطالة في موضع الإيجاز فيتجاوز في مقدار الحاجة إلى الإضجار والملالة، ولا يستعمل ألفاظ الخاصة في مخاطبة العامة، ولا كلام الملوك مع السوقة، بل يعطي كل قوم من القول بمقدارهم، ويزنهم بوزنهم، فقد قيل: "لكل مقام مقال".
Sayfa 153