وأما الرمز: فهو ما أخفى من الكلام، وأصله للصوت الخفي الذي لا يكاد يفهم، وهو الذي عناه الله -عز وجل - بقوله: {قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا} وإنما يستعمل المتكلم الرمز فيما يريد طيه عن كافة الناس، والإفضاء به إلى بعضهم فيجعل الكلمة، أو الحرف اسما من أسماء الطير أو الوحش، أو سائر الأجناس، أو حرفا من حروف المعجم، ويطلع على ذلك الموضع من يريد إفهامه رمزه، فيكون ذلك قولا مفهوما بينهما مرموزا من غيرهما، وقد أتى في كتب المتقدمين والحكماء والمتفلسفين من الرموز شيء [كثير]، وكان أشدهم استعمالا للرمز أفلاطون، وفي القرآن من الرموز أشياء عظيمة القدر، جليلة الخطر، قد تضمنت علم ما يكون في هذا الدين من الملوك والممالك، والفتن والجماعات، ومدد كل صنف من ذلك وانقضائه، ورمزت بحروف المعجم وغيرها من الأقسام # كالتين والزيتون، والفجر والعاديات، والعصر، والشمس، وأطلع على علمها الأئمة المستودعون علم القرآن، ولذلك قال أمير المؤمنين -عليه السلام - "ما من مائة تخرج إلى يوم القيامة إلا وأنا أعلم قائدها وباعثها، وأين مستقرها من جنة أو نار؛ وروى عن ابن عباس -[رضي الله عنه]- أنه سئل عن الم وحسم وطسم، وغير ذلك مما في القرآن من هذه الحروف؛ فقال: ما أنزل الله كتابا إلا وفيه سر، وهذه أسرار القرآن، وهي حروف الجمل، [ومنها كان علي يعلم حساب الفتن، فهذه الرموز هي أسرار آل محمد، ومن استنبطها من ذوي الأمر وقف عليها، فعلم جليل ما أودعهم اله إياه من الحكمة، وقد ذكرنا مما تأدى إلينا من تفسير ذلك في كتابنا الذي لقبناه بأسرار القرآن" ما أغنى عن إعادته ها هنا، فإن رغبت في النظر فيه فاطلبه تقف عليه إن شاء الله].
الوعي:
Sayfa 113