فإذا أردت أن يصدق ظنك فيما تطلبه بالظن مما لا تصل إلى معرفته بقياس ولا خبر فأقم الشيء الذي يقع ظنك إلى سائر أقسامه في العقل، وأعط # كل قسم حقه من التأمل، فإذا اتجه لك أن الحق في بعض تلك الأقسام على أكبر الظن، وأغلب الرأي جزمت عليه وأوقعت الوهم على صحته، وذلك مثل أن تظن بإنسان عداوة لك، ولا يتبين ذلك في تغيير وجهه لك، ولا نبو طرفه عنك، ولا في شيء مما يظهر في فعله بك فتحظر الأشياء التي توقع العداوة بين المتعادلين، وهي الشركة والمناسبة والمنازعة، والميراث والجواز والصناعة، والمنزلة والمشارعة، والخلاف في الديانة، والحقد و؟ ؟ ؟ ؟ ، والإساءة المقدمة، وما أشبه ذلك من الوجوه الموجبة للعدالة، وثم ننظر فإن اجتمعت بينكما تلك الأحوال أو أكثرها أوقعت وهمك على أنه لك عدو، وكان قوة التوهم منك في ذلك على حسب كثرة ما يجتمع بينكما من الأحوال الموجبة للعداوة، فتجنبه وعامله معاملة العدو الذي قد بان أمره وإن وجدته ينفرد ببعضها استبريت صحة الظن، بأن تنظر هل جمعكما بعض ما يوجب اللطف والمودة، ويزيل ثلبة تلك الخلة، من موافقة في مذهب، أو إحسان متقدم، أو غير ذلك، ثم وازنت بين الخلال الموجبة للعداوة، والخلال الموجبة للصداقة، وكنت في حيز الأقوى من الصنفين. وإن لم تجد بينكما ما يوجب العداوة أزلت عن قلبك باب الظنة، وكنت على ما لم تزل عليه لصاحبك من الثقة.
Sayfa 82