(1) السؤال الأول(في أهوال يوم القيامة)
هل يفزع منها المؤمن وغيره، أم مخصوصة بالمنافق ونحوه؟ إن
قلتم بالأول فقد قال تعالى: {وهم من فزع يومئذ آمنون} ، {لا يحزنهم الفزع الأكبر} ، {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون} ، وإن قلتم بالثاني فقد ورد في الأحاديث أن الفزع يعم المؤمن وغيره، بل والأنبياء حتى يجثوا على الركب، ويؤكده قوله تعالى: {ففزع من في السماوات ومن في الأرض} فما الجواب في ذلك بالدليل الواضح؟.
*الجواب الأول ( والله الموفق والهادي إلى الصواب):
أن أهوال يوم القيامة لا يفزع منها المؤمن ولا يحزن، لأن الفزع والحزن الحقيقيين نوع من الألم، والألم نوع من العذاب، والمؤمن غير معذب قطعا، لأنه قد صار من عند الموت في أول موقف من مواقف الآخرة التي هي دار الثواب والجزاء ، وهذا هو الذي دلت عليه الأدلة المحكمة من الكتاب والسنة ، مثل ما ذكره السائل من الآيات، ومثل قوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ، نحن أولياؤكم في الحيوة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون} ، ولا شك أن أحدا لا يشتهي الفزع والحزن ، وهذا هو اللائق بعدل الله تعالى وحكمته، فيجب المصير إليه ، وحمل ما عارضه من الأدلة عليه ، وحينئذ يجب تأويل مثل قوله تعالى: {وترى كل أمة جاثية} وقوله تعالى: {ففزع من في السماوات ومن في الأرض} وهو ممكن الجمع إما بالتعميم والتخصيص بأن هذه عمومات مخصصة بأدلة المؤمن لأن المؤمنين هم القليل ، أو التأويل بأن المعنى بالفزع ونحوه ما يشاهدونه من الوقيعة بغيرهم من العصاة ، وكون هذا اليوم عظيما فيه الإنصاف والجزاء ، وتمييز الخبيث من الطيب مع طمأنينة القلب بالسلامة، والبشارات للمؤمن بأنك لا تخف ولا تحزن ، فهذا ما تقتضيه الأدلة والقواعد الأصولية.
Sayfa 4