بلاغ الرسالة القرآنية

Farid al-Ansari d. 1430 AH
84

بلاغ الرسالة القرآنية

بلاغ الرسالة القرآنية

Yayıncı

دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Yayın Yeri

القاهرة

Türler

كل شيء، إذ يجد أخوة إيمانية في وجدانه مع كل شيء من الكائنات -عدا شياطين الجن والإنس- فالكل مستغرق في عبادة الله، سائر إليه عبر مسالك المحبة: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ [الإسراء:٤٤]، ولقد جعل الله لنبيه داود معجزة كَشْف لبعض ذلك، فكانت الجبال والطير تسبح بتسبيحه وتدعو بدعائه، في مجالس تفيض بالنور والجمال، تلتقي على موعد بالغدو والآصال، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ. وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص:١٨،١٩]. إن الكون كله في وجدان المسلم مثل طيور داود ﵇، مجالس أنس وذكر، تشعره بالأخوة الكبرى، في السير إلى الله عبر أفلاك العبودية: ﴿كُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [الأنبياء:٣٣]، وأنت أيضًا يا صاح تسبح عبر فلك العمر سيرًا إلى الله ذي الجلال والجمال، تتعرف إليه من خلال هذا كله، إذ تجده سبحانه تجاهك، كلما ذكرت أو دعوت، منتسبًا إليه تعالى بعبوديتك، وذلك أعظم معنى لوجودك في الحياة .. فتأمل! وتلك غاية الغايات من الخلق كما ذكرنا: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:٥٦]. والمعرفة طريق لا تنفد تجلياتها، ولا تنتهي إشراقاتها إلا بلقاء الله، حيث ينكشف سر السير إلى الله: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ

1 / 88