في حياة خصصت للزراعة، مع إمساك الدفاتر بالطريقة المزدوجة، ومع المباحث الكيماوية.» ويود التنوع فيمتطي الخيل أو يذهب إلى الصيد أو يزور جيرانه ثم يهمهم فيقول: «لأن يشتري هؤلاء غلالي أفضل من أن أدعى إلى الغداء معهم، حتى إن أحدا منهم لم ينظر إلى خرافي، والأثمان تهبط في برلين يوما بعد يوم.» ويركب زورقا أحيانا فيصطاد بطا، ولكن زجاجة الشنبانية لا تفارقه أبدا، ويقرأ كتب بايرون في الفينة بعد الفينة، ويناقض سلوكه كرجل دنيوي سلوك المالكين الآخرين كل مكان، فقد قام بسياحات طويلة وكان في دار القضاء، وهو يعرف أن يتكلم بطلاوة، وهو يركب الخيل بجرأة، وهو ذو إقدام مع النساء، وهو لديه غير سبب ليسخر من أولئك الناس، «فإذا ما سئل أحدهم عن صحته أجاب بقوله: إنها جيدة جدا، ولكنني ألمت في هذا الشتاء من الجلبة.»
6
ويكسف صيته شيئا فشيئا؛ وذلك لأنه كلما ضجر حاول أن يتلهى بدعابات مشئومة وأن يلقي الحيرة في نفوس الآخرين ممن يعيش بينهم، وتصبح الخدمة العسكرية ذاتها ألهية لديه، ويغدو ملازما مساعدا في كتيبة الرماة، ويشترك في التمرينات، وتعيش أخته الصغرى عنده الآن، وتثب معه في العربة، ويسوق العربة بأسرع ما يمكن على الرغم من حصاني الركوب اللذين قرنهما بالمجر بقوة. وهو إذا عاد من منادمة على الشراب في ساعة متأخرة من الليل كبا غير مرة، ولم يرجع إلى وعيه إلا بعد حين، ويستحم كثيرا ويسبح غالبا، وعليه في كل وقت أن يتغلب على أثر البرد أولا. وهو يجد خليلات في جميع الطبقات، وهو يهزأ بأولئك الذين يعيشون رسميا مع أزواجهم، ومما حدث يوما أن تأخر أصدقاء له عن الحضور في الساعة المقررة من الصباح، ومما حدث أن أراد هؤلاء أن يداعبوه فسدوا بابهم بصوان الثياب، ويطلق الرصاص من النافذة المفتوحة على سقف الغرفة حتى يتساقط الجص عليهم، ويتغدى ويجلس على متكأ، ويطلق النار على الهدف متعمدا، وما كان ليزعج من إتلافه خشب الجدار بذلك، ويسقط سائسه في الماء وينقذه مجازفا بحياته.
وإذا ما زاره شخص عرض عليه رحيق الشنبانية وراح بورتو، ثم قال له: أعن نفسك، وبعد منادمة كتلك يذهب - ذات يوم - إلى الدسكرة
7
المجاورة مارا عدة ساعات من طرق وحلة فيغتم الجمع الأنيق من مظهره المخزي، وهكذا ينال لقب السيد المجنون، وإن لم يكن مجنونا في الحقيقة، وهو ينال هذا اللقب بسبب شدة نهمه وكثرة شربه وطراز صبره، ويدعوه المدرعون فيطلب منه أن يأخذ الرشفة الأولى من القعب
8
الذي يعدل زجاجة كاملة فيجرع ما فيه دفعة واحدة مثيرا دهش عشرائه، وعلى ما كان من عدم انشراحه حتى ذلك الحين يقول لنا: «إن معدتي ظلت أربعة أسابيع أحسن مما كانت عليه.» ويتكلم أحيانا عن سياسة العاصمة مع عدم احترام على الدوام، ويمضي قليل وقت فيجد الفتيات الكونتسات من الممتع دعوتهن إلى الغداء، ولكن وجودهن حول المائدة بجانب فون بسمارك مما يؤلم أمهاتهن.
ويصبح ذات حين موضوع قول في الصحف؛ فقد نشرت إحدى صحف الساحل البلطي الحرة شكوى من الضرر الذي يحدثه أشراف بوميرانية بحصنهم الإنكليزية وكلابهم السلوقية حين الصيد في الحقول التي لا يحميها شيء غير المالك نفسه، ويحاول بسمارك الذي يرفض المحرر نشر جوابه فيصل إلينا هذا الجواب مسودة مع كثير ترميج
9
Bilinmeyen sayfa