ويرى اكفهرار السحاب في الغرب مع ذلك، ولا أحد يعرف كيف يقصف الرعد، ولم يتمالك نابليون أن أظهر طورا صارما في شهر أغسطس سنة 1866 فطالب بحدود سنة 1814، ويغير بسمارك لهجته تجاه بنيديتي حالا، فيقول: «إذا ما أصررتم على هذا الطلب اتخذنا جميع الوسائل، ولا نكتفي بدعوة جميع الأمة الألمانية، بل نعقد صلحا بأي ثمن كان، فنترك جنوب ألمانية للنمسة ونرضى بالبندشتاغ مرة أخرى، ثم نجمع قوانا ونزحف إلى الرين بثمانمائة ألف جندي ونستولي على الألزاس، وأنتم تعلمون أن جيشينا متأهبان وأن جيشكم غير متأهب، ففكروا في الأمر وقدروا النتائج.»
وهكذا يبلف
5
ذلك الفرنسي، ويبلغ التوازن من الاضطراب في صيف سنة 1866 ما يعتقد معه رئيس وزراء بافارية هوهنلوهه أن بسمارك يقترح فيما يقترحه «إقطاع جزء من بالاتينة البافارية لنابليون الثالث، فيعارضه الملك في ذلك بشدة، فإذا لم يذعن الملك وقعت الحرب بين بروسية وفرنسة»، ثم تسلك فرنسة سبيلا أخرى فتحاول محالفة بروسية؛ بغية ابتلاع بلجيكة، وينحاز غولتز إلى هذا الرأي، ويقضي غولتز أول أسبوع من شهر سبتمبر في برلين باحثا في هذا الأمر، ويساير بسمارك الريح ويتمور،
6
ومن المحتمل أن كان بسمارك يوافق على هذا الاقتراح لو لم يبصر تقلب آل بونابارت الحديثي العهد، ومهما يكن الأمر فقد أراد بسمارك أن تكون تلك الاقتراحات خطية وطلب من بنيديتي وضع مشروع معاهدة تنص على ضم فرنسة بلاد بلجيكة إليها، وبهذا يريد أخذ الوثيقة من مأمنه في أحرج وقت.
وهكذا يداور بسمارك ذلك الفرنسي حتى إمضاء معاهدة الصلح في براغ، حتى إقامة جامعة دول شمال ألمانية، وعلى النمسة في معاهدة الصلح أن تعترف بضم ثلاث دوكيات ألمانية إلى بروسية وبحل الجامعة الألمانية، وأن تعترف أيضا بتأليف جامعة جديدة في شمال نهر المين، وعلى النمسة في تلك المعاهدة أن توافق على «اندماج الدول الواقعة في جنوب ذلك الخط في جامعة يكون لحقها بدول شمال ألمانية موقوفا على اتفاق وثيق بين الجامعتين، ويكون لها كيان دولي».
تلك هي غاية ذلك القطب السياسي المكافح في نقولسبرغ، فلا ضم ولا تعويض، وكان ذلك القطب قد قال منذ اثنتي عشرة سنة: «إن النمسة بلد أجنبي» وعلى النمسة الآن أن تعترف أمام جميع العالم بأنها بلد أجنبي تجاه ألمانية!
وتضع الحرب أوزارها فيريد الملك أن يكافئه، وماذا يعرض الملك على بسمارك الذي كان قد نال لقب كونت؟ فلينعم عليه برتبة جنرال وبأربعمائة ألف تالير إذن، ويعبر عن هذه الهبة بكلمة «مهر»، كما يعبر عن الحرب بالتعبئة، وكما يعبر عن العفو بالإبراء، وتأتي الهبة طيبة وإن كان بسمارك لا يستطيع التمتع بها في ذلك الحين لاقترابه من شفا
7
Bilinmeyen sayfa