Birr ve Sila
البر والصلة لابن الجوزي
Araştırmacı
عادل عبد الموجود، علي معوض
Yayıncı
مؤسسة الكتب الثقافية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
- ٣٠٣ وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: " أَغَارَتْ بَنُو شَيْبَانَ عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ تَمِيمٍ، فَنَظَرُوا إِلَى رَجُلٍ عَلَى جَوَادٍ فَأَسَرُوهُ، فَلَمَّا جَنَّهُ اللَّيْلُ، فَكَّ قَيْدَهُ فَنَجَا، وَلَجَأَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ طَيِّئٍ، فَسَأَلَهُ الضِّيَافَةَ، فَفَعَلَ، وَقَامَ إِلَى نَاقَةٍ كَوْمَاءَ، فَنَحَرَهَا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَامَ إِلَى أُخْرَى، فَقَالَ لَهُ التَّمِيمِيُّ: إِنَّ عِنْدَكَ لَحْمًا، قَالَ: إِنِّي لَا أُطْعِمُ ضَيْفِي إِلَّا غَبِيطًا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
إِنَّ أَبِي لَمَّا دَعَاهُ دَاعِيَهْ ... أَوْصَى بِمَا لَابُدَّ أَنْ سَأُمْضِيَهْ
بِالضَّيْفِ أَنْ أُكْرِمَ حِينَ أُثْوِيَهْ ... وَأَغْبِطَ الْكَوْمَاءَ حِينَ أُقْرِيَهْ
وَالْجَارُ أَحْمِي سَرِيَّهْ وَأَكْفِيَهْ ... وَالصَّبْرُ إِنْ شَبَّ الْوَغَا تَلْظِيَهْ
وَالْكَرُّ فِي أَثَرِ الْمُضَافِ أَحْمِيَهْ
فَأَقَامَ الضَّيْفُ عِنْدَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ حَدَّثَ نَفْسَهُ، فَقَالَ: لَوِ اسْتَقْتُ إِبِلَ هَذَا مَا كَانَ عِنْدَهُ نَكِيرٌ، فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ، قَامَ فَاخْتَرَطَ سَيْفَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الْإِبِلُ السَّيْفَ تَفَرَّقَتْ، فَرَكِبَ فَرَسَ الرَّجُلِ، وَأَخَذَ رُمْحَهُ، وَأَقْبَلَ يَطْرُدُهَا، فَاسْتَيْقَظَ الطَّائِيُّ، فَتَنَكَّبَ قَوْسَهُ، وَكِنَانَتَهُ، وَسَارَ فَأَدْرَكَهُ، فَقَالَ: يَا هَذَا إِنَّكَ ضَيْفٌ، وَإِنْ رَمَيْتَكَ قَتَلْتَكَ، وَأَنَا أُنْشِدُكَ اللَّهَ أَنْ تَحْمِلَنِي عَلَى قَتْلِ ضَيْفِي، فَأَسُبُّ بِذَلِكَ فِي الْعَرَبِ، فَقَالَ لَهُ التَّمِيمِيُّ: انْجُ بِنَفْسِكَ، قَالَ: إِنِّي قَاتِلُكَ.
قَالَ: فَأَرَانِي أَمَارَةَ ذَلِكَ.
قَالَ: عَلِّمْ عَلَى مَا شِئْتَ حَتَّى أُصِيبَهُ.
قَالَ: الْحَجَرُ النَّاتِئُ مِنَ الْخِبَاءِ، فَرَمَاهُ، فَأَثَّرَ فِيهِ السَّهْمُ.
فَقَالَ: الضَّبُّ الَّذِي قَدْ عَلَا الْمَدَرَةَ، قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ فِي مَغْرِزِ ذَنَبِهِ، فَرَمَاهُ فَفَصَلَ ذَنَبَهُ عَنْ ظَهْرِهِ.
فَقَالَ: خُذْ إِبِلَكَ، فَلَمَّا سَاقَهَا، قَالَ: أَظُنُّ الْحَاجَةَ دَعَتْكَ إِلَى أَخْذِهَا.
قَالَ: هُوَ ذَاكَ.
قَالَ: فَتَخَيَّرْ مِنْهَا خَمْسِينَ.
فَلَمَّا أَخَذَهَا، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْكَ ضِيَافَةً، وَلَا أَشَدَّ عِنَايَةً، وَلَا أَظْهَرَ شَجَاعَةً! فَغَطَّى وَجْهَهُ، وَقَالَ: أَطْرُدْهَا كُلَّهَا، فَوَاللَّهِ مَا بَقِيَ بِمَا قُلْتَ.
فَطَرَدَهَا وَلَحِقَ بِقَوْمِهِ "
1 / 190