وعاد يذكر أخاه عتبة ... وتخيل كأنما لقيه بعد أين، فاعتنقا، وتذاكرا الماضي طويلا، واصطحبا على الطريق إلى الرقة، حيث يقيم بشير ونوار وعتيبة وجدتهم العجوز وامرأتان أخريان قد فارقهما زوجاهما منذ بعيد، فلا هما زوجتان ولا أرملتان! ...
ويرى عتبة بن عبيد الله ابنته نوار، عروسا فاتنة ضاحكة السن أبدا، فيسأل: من هذه؟ فيضمها عتيبة بن النعمان إليه ويقول: هذه لي.
وتضحك امرأتان ورجلان، وتمتلئ قلوبهم غبطة ومسرة، ويحقق عتبة لابن أخيه ما أراد، فيزوجه نوار، ويعود الأنس إلى تلك الدار الموحشة.
5
ثم يستيقظ النعمان من حلمه ذلك، فإذا هو في خيمته، منبطح على فراشه، وإلى جانبه سيفه وترسه، ويفيء إلى الحقيقة
6
بعد مشوار طويل في وادي الأحلام، ويهم أن ينهض فتجاذبه الأرض. إن الأماني مكسلة مجبنة،
7
ولكنه لا بد أن ينهض، فإن الجند في الميدان لا يؤذن لهم في أن ينبطحوا على الأرض طويلا، وينسرحوا في الأحلام من واد إلى واد ... •••
كانت الدولة حتى ذلك اليوم عربية خالصة، وكانت عصبية الأبوة والأمومة وخلوص العرق من هجنة الدم، هي السياسة ومدار التدبير في الدولة؛ فليس للموالي ولا لأبناء الجواري جاه في الحكم ولا مطمع في الرياسة ولا اعتبار عند الأمراء ولا عند السوقة،
Bilinmeyen sayfa