Bina Umma Carabiyya
منهاج مفصل لدروس في العوامل التاريخية في بناء الأمة العربية على ما هي عليه اليوم
Türler
وينسى الكثيرون أن سفنا حربية بريطانية دخلت البحر الأحمر من البحار العربية، وأنها احتلت جزيرة بريم ميون عند مضيق باب المندب، وأن تجريدة عسكرية من الجيش البريطاني الهندي قدمت من الهند للاشتراك في إجلاء الفرنسيين عن مصر، وأنها نزلت في القصير وانحدرت نحو القاهرة في النيل، ووصلت التجريدة بعد أن كانت العمليات الحربية قد انتهت.
ومن المسائل التي يثيرها دراسة الاحتلال الفرنسي ما زعمه الشيخ محمد عبده في مقاله المشهور ضد محمد علي، من أن أهل مصر قاوموا الاحتلال الفرنسي في 1798 مقاومة رائعة بينما كانت مقاومتهم في 1882 للاحتلال البريطاني ضعيفة، ثم قرر أن الضعف الذي أبدوه في 1882 يرجع إلى تحطيم محمد علي لحيوية الأهلين، هذا ما ذهب إليه الأستاذ الإمام، بيد أن من يريد أن يتبين وجه الحق في هذه المسألة عليه أن لا يخوض فيها بهذه البساطة، بل ينبغي عليه أن يتبين طبيعة المقاومتين وطبيعة الاحتلالين قبل أن يذهب إلى أن حيوية الأهلين تحطمت خلال القرن التاسع عشر. والمتأمل المنصف في 1798 و1882 لا يسعه إلا أن يرى في 1798 خلايا أمة، وأن هذه الخلايا أخذت أثناء القرن التاسع عشر تتجمع في بناء أمة واحدة. (1) الدعوة العربية في سياسات الجنرال بونابرت
قامت خطة الجنرال بونابرت على التمييز بين عرب وعثمانلية ومماليك. والعرب في نظره وفي نظر من كتب في سكان مصر من علماء الحملة الفرنسية هم أهل مصر عموما في الريف وفي الحضر، ولم يقصروا الاستعمال على عرب البادية كما جرت عادة الناس حتى ذلك الوقت. وقال بونابرت وكتاب الحملة إنه بالإضافة إلى العرب - وقد قلنا إنهم عامة الأهلين - يوجد القبط، ونسبوهم وحدهم إلى المصريين القدماء، كما توجد جاليات من السوريين الدماشقة والحلبيين وما إلى ذلك، ومن المغاربة والأروام واليهود ... إلخ.
أما العثمانلية فهم الترك ومن يلحق بهم من جراكسة وغير ذلك من رجال الأوجاقات والتجارة والمناصب والمتصوفة وطلاب العلم المستقرين في مصر من زمن قديم أو حديث.
وأما كلمة «مملوك» فلم يطلقوها باستعمالها اللغوي، بل قصروها على المماليك الذين تكونت منهم القوات الخاصة التي تتبع البكوات أو الأمراء الذين كانوا قد استولوا على أزمة الحكم في البلاد قبل قدوم الفرنسيين.
وعلى هذا الأساس كانت خطة بونابرت أن يجعل من المماليك وحدهم عدوه وعدو السلطان وممثليه في مصر وعدو أهل العرب؛ العدو الذي غصب حقوق السلطان، وسلب النزلاء الفرنسيين أموالهم، واستأثر بخيرات البلاد دون أهلها وكان على يديه خراب ذلك الإقليم الحسن الأحسن، كما سماه في منشوره المشهور، وقد أعلن أنه قدم إلى مصر ليقتص من المماليك الظالمين.
وفي كتاباته وكتابات معاصريه يرد الحديث كثيرا عما كان للعرب من مآثر وعما سيكون لهم من ارتقاء بعد أن يرتفع عنهم حكم أجلاف الترك كما قالوا عنهم.
ولكن أفعال بونابرت وخليفتيه في حكم مصر إلى أن تم الانسحاب منها تثبت أن كلامه إلى أهلها وعن أهلها كان إجراء قصد به أن يستميلهم إلى جانبه أو - على الأقل - أن يقفوا على الحياد حتى يتم له التغلب على المماليك.
وأفعال الفرنسيين فيما بعد عصر الحملة وفي بلاد المغرب وفي سورية ولبنان تثبت أن سياستهم تقوم على أساس سحق العروبة حسيا ومعنويا.
الموضوع الرابع
Bilinmeyen sayfa