Sınırsız: İnsanları Serbest Bırakan ve Uçuruma İten Teknikler
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
Türler
في أنواع أخرى من المجتمعات الزراعية، وخير مثال عليها القرى الريفية المتوسطية في اليونان وإيطاليا وشمال أفريقيا، تعيش الأسر في مجتمعات كثيفة السكان مكونة من قرى محصنة، حيث يقضي المزارعون الليل في منازلهم القروية ويخرجون من القرى نهارا للعمل في حدائقهم ومراعيهم وكرومهم وبساتينهم. وتميل المنازل في هذه المجتمعات لأن تكون مساكن دائمة مبنية من الطوب اللبن أو الأحجار، بجدران سميكة صلبة ونوافذ وأبواب. ولا يتيح هذا النوع من المعمار بانتقال الأصوات لأبعد من أقرب جار، فقط إن علا الصوت لمرتبة الصياح. وفي هذه الأنواع من المجتمعات نادرا ما كانت شكاوى وآراء الأزواج والزوجات، والمديونين والدائنين، والحلفاء والأعداء، والمحبين والخصوم، تذاع على الملأ، وإنما كانت بالأحرى تهمس سرا. وكثيرا ما كانت مادة للقيل والقال، لكنها قلما كانت موضوعا للنقاش العام على الملأ.
مع التوسع الحضري للبشر الذي جاء مع الثورة الصناعية، لم يعد الجيران بالضرورة أفرادا حتى في نفس المجتمع، ونادرا ما كان بينهم الأقارب الذين كانت تتشكل منهم في الماضي مجتمعات الصيادين وجامعي الثمار. من ثم فقدت ثقافات الشعوب المعاصرة - المنحدرين جميعا من نسل قرويين مزارعين وسكان بلدات - عادة الصيادين وجامعي الثمار إذاعة تظلماتهم أو شكاواهم أو آرائهم على الملأ منذ زمن طويل، إلا أن اختراع وسائل التواصل الاجتماعي وفر الآن الآلية التي اكتشفت بها الشعوب المعاصرة متع وملذات نشر آرائهم على شبكة من الأقران. وقد يكون هذا سبب التحاق عدد غير مسبوق من الناس بشبكات التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة.
ولا يقتصر دور وسائل التواصل الاجتماعي على تمكين كل الناس الموجودة ضمن شبكة كل شخص من عرض تعليقاتهم واستجاباتهم، بل وتجعل كل هذه التعليقات والاستجابات متاحة لكل شخص آخر في شبكة كل شخص. هكذا أدى المنبر الرقمي الناتج عن تطور شبكات وسائل التواصل الاجتماعي إلى إعادة تشكيل الطقس البشري القديم - الذي وجد بين جميع الصيادين وجامعي الثمار الرحل، لكنه تقلص بدرجة بالغة مع ألفيات من الحضارة الزراعية والصناعية - بمشاركة أكثر الأسئلة والملاحظات والآراء خصوصية في حياتهم اليومية مع أقرانهم بصفة يومية. ويوحي شيوع هذه العادة بين الصيادين وجامعي الثمار والقرويين البدائيين حول العالم بأنها حاجة إنسانية أساسية وعادة بشرية طبيعية أن تشارك المعلومات وتعزز القيم ويستقصى الرأي العام بشأن كل متع الحياة اليومية وتقلباتها.
من بين كل التغييرات العديدة التي جلبها تطور تقنية المعلومات، ربما لا شيء يعدل أهمية التوسع غير المسبوق في القدرة على التواصل مع الآخرين، وتحقيقه تحولا في المجتمع نهاية المطاف؛ إذ تتعدى هذه القدرة إتاحة وسائل التواصل الاجتماعي نشر الخاص من الأفكار والمشاعر والسلوكيات على الملأ؛ فهي تشمل في واقع الأمر كل نوع من أنواع التواصل البشري؛ تشارك المعلومات بين الأشخاص الذين تجمعهم نفس الاهتمامات، وتبادل الرسائل الخاصة بين الأفراد، وتبادل البضائع والخدمات، والقدرة على سفر المرء من وطنه من وإلى أوطان ومجتمعات وثقافات أخرى.
الشبكة العنكبوتية العالمية للتواصل البشري
عالمنا السريع التطور ذو أجهزة الكمبيوتر الشخصية والأجهزة النقالة والإنترنت وأقمار الاتصالات الصناعية والطيران التجاري الدولي نتج عنه بالفعل تطورات غير مسبوقة في تقنيات التواصل؛ فقد خلقت تقنية المعلومات عالما زادت فيه قدرة الناس على الكتابة إلى أي شخص آخر على ظهر الكوكب والحديث معه وزيارته والتجارة معه مباشرة على مدار أربع وعشرين ساعة يوميا.
تقنية المعلومات هي التي مكنت المركبات الفضائية من وضع أقمار اتصالات صناعية في مدار الأرض المنخفض. لم تقلل هذه الأقمار الصناعية من تكلفة المكالمات الهاتفية الدولية إلى مستوى معقول فحسب، وإنما أتاحت لكل البشر أيضا مشاهدة الفعاليات الرياضية والكوارث الطبيعية واندلاع الحروب في وقتها على أجهزة إلكترونية. ولأول مرة في تاريخ البشر أنشئت شبكة مواصلات دولية تمكن أي شخص على الأرض من التجارة مع أي شخص أو زيارته خلال ساعات أو أيام. وهذه الحرية في التواصل لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية بأسره.
أدى تطور السفن البخارية والسكك الحديدية في أوائل القرن التاسع عشر إلى ارتفاع هائل في السفر لمسافات طويلة، وكان مسئولا إلى حد ما عن التحام الآلاف العديدة من المدن والقرى والدول المدن التي كانت موجودة منذ عصور سحيقة لتصبح ذلك العدد الصغير من الدول القومية الموجودة الآن. وقد تضاعف مؤخرا عدد الناس الذين يسافرون إلى دول وثقافات أخرى، سواء سائحون أو لأغراض العمل - بدرجة كبيرة نتيجة للتطورات التي حدثت في تقنيات التفاعل منذ عام 1950م؛ فقد زار نحو خمسة وعشرين مليون شخص دولا أخرى بغرض السياحة في ذلك العام. وبحلول عام 2011م زاد هذا العدد إلى مليار تقريبا؛ هذا يمثل زيادة قدرها 4000 في المائة في فترة لا تتعدى عمر إنسان واحد (انظر شكل
9-3 ). ومن المحتمل أن يصل عدد الرحلات السياحية الدولية، بمعدل ارتفاعه الحالي، إلى 1,6 مليار بحلول عام 2020م، وفقا لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.
9
Bilinmeyen sayfa