بروحه، واختارهم على جميع بريته، لهم سمكت المسموكات، ودحيت المدحوات، وبهم رست الراسيات واستقر العرش على السماوات، وبأسرار علمهم أينعت (1) ثمار العرفان في قلوب المؤمنين، وبأمطار فضلهم جرت أنهار الحكمة في صدور الموقنين، فصلوات الله عليهم ما دامت الصلوات عليهم وسيلة إلى تحصيل المثوبات، و الثناء عليهم ذريعة لرفع الدرجات. ولعنة الله على أعدائهم ما كانت دركات الجحيم معدة لشدائد العقوبات. واللعن على أعداء الدين معدودة من أفضل العبادات.
أما بعد: فيقول الفقير إلى رحمة ربه الغافر ابن المنتقل إلى رياض القدس محمد تقي طيب الله رمسه محمد باقر عفى الله عن جرائمهما وحشرهما مع أئمتهما (2):
إعلموا يا معاشر الطالبين للحق واليقين المتمسكين بعروة اتباع أهل بيت سيد المرسلين - صلوات الله عليهم أجمعين - أني كنت في عنفوان شبابي حريصا على طلب العلوم بأنواعها، مولعا باجتناء فنون المعالي من أفنانها (3) فبفضل الله سبحانه وردت حياضها وأتيت رياضها، وعثرت على صحاحها ومراضها، حتى ملأت كمي من ألوان ثمارها، واحتوى جيبي على أصناف خيارها، وشربت من كل منهل (4) جرعة روية وأخذت من كل بيدر حفنة (5) مغنية، فنظرت إلى ثمرات تلك العلوم وغاياتها، وتفكرت في أغراض المحصلين وما يحثهم على البلوغ إلى نهاياتها، و تأملت فيما ينفع منها في المعاد، وتبصرت فيما يوصل منها إلى الرشاد، فأيقنت بفضله وإلهامه تعالى أن زلال العلم لا ينقع (6) إلا إذا أخذ من عين صافية نبعت عن ينابيع الوحي والالهام، وأن الحكمة لا تنجع (7) إذا لم تؤخذ من نواميس الدين ومعاقل الأنام.
Sayfa 2