69

Müctehidin Başlangıcı ve Kasıtlının Sonu

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Araştırmacı

فريد عبد العزيز الجندي

Yayıncı

دار الحديث

Yayın Yılı

1425 AH

Yayın Yeri

القاهرة

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا تُصْنَعُ بِهِ هَذِهِ الطَّهَارَةُ] ُ وَفِيهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِهَا بِتُرَابِ الْحَرْثِ الطَّيِّبِ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ فِعْلِهَا بِمَا عَدَا التُّرَابَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ الْمُتَوَلِّدَةِ عَنْهَا كَالْحِجَارَةِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إِلَّا بِالتُّرَابِ الْخَالِصِ، وَذَهَبَ مَالِكٌ، وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِكُلِّ مَا صَعِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ أَجْزَائِهَا فِي الْمَشْهُورِ عَنْه: ُ الْحَصَا وَالرَّمْلِ وَالتُّرَابِ، وَزَادَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: وَبِكُلِّ مَا يَتَوَلَّدُ مِنَ الْأَرْضِ مِنِ الْحِجَارَةِ مِثْلَ النَّوْرَةِ وَالزَّرْنِيخِ وَالْجَصِّ، وَالطِّينِ، وَالرُّخَامِ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ التُّرَابُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَهُمُ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يَتَيَمَّمُ بِغُبَارِ الثَّوْبِ وَاللُّبَدِ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا: اشْتِرَاكُ اسْمِ الصَّعِيدِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ، فَإِنَّهُ مَرَّةً يُطْلَقُ عَلَى التُّرَابِ الْخَالِصِ، وَمَرَّةً يُطْلَقُ عَلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ الظَّاهِرَةِ، حَتَّى إِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ حَمَلَهُمْ دَلَالَةُ اشْتِقَاقِ هَذَا الِاسْمِ - أَعْنِي: الصَّعِيدَ - أَنْ يُجِيزُوا فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُمُ التَّيَمُّمَ عَلَى الْحَشِيشِ، وَعَلَى الثَّلْجِ، قَالُوا: لِأَنَّهُ يُسَمَّى صَعِيدًا فِي أَصْلِ التَّسْمِيَةِ (أَعْنِي: مِنْ جِهَةِ صُعُودِهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَالسَّبَبُ الثَّانِي: إِطْلَاقُ اسْمِ الْأَرْضِ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ بِهَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ، وَتَقْيِيدُهَا بِالتُّرَابِ فِي بَعْضِهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊ «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» فَإِنَّ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» وَفِي بَعْضِهَا «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ لِي تُرْبَتُهَا طَهُورًا» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْكَلَامِ الْفِقْهِيِّ هَلْ يُقْضَى بِالْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ أَوْ بِالْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ؟ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُقْضَى بِالْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَمَذْهَبُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ أَنْ يُقْضَى بِالْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ ; لِأَنَّ الْمُطْلَقَ فِيهِ زِيَادَةُ مَعْنًى، فَمَنْ كَانَ رَأْيُهُ الْقَضَاءَ بِالْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ، وَحَمَلَ اسْمَ الصَّعِيدِ الطَّيِّبِ عَلَى التُّرَابِ لَمْ يُجِزِ التَّيَمُّمَ إِلَّا بِالتُّرَابِ، وَمَنْ قَضَى بِالْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَحَمَلَ اسْمَ الصَّعِيدِ عَلَى كُلِّ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ أَجْزَائِهَا أَجَازَ التَّيَمُّمَ بِالرَّمْلِ وَالْحَصَى. وَأَمَّا إِجَازَةُ التَّيَمُّمِ بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا فَضَعِيفٌ إِذْ كَانَ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الصَّعِيدِ فَإِنَّ أَعَمَّ دَلَالَةِ اسْمِ الصَّعِيدِ أَنْ يَدُلَّ عَلَى مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَرْضُ، لَا أَنْ يَدُلَّ عَلَى الزَّرْنِيخِ وَالنَّوْرَةِ، وَلَا عَلَى الثَّلْجِ، وَالْحَشِيشِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ، وَالِاشْتِرَاكُ الَّذِي فِي اسْمِ الطَّيِّبِ أَيْضًا مِنْ أَحَدِ دَوَاعِي الْخِلَافِ.

1 / 77