Müctehidin Başlangıcı ve Kasıtlının Sonu

Averroes d. 595 AH
177

Müctehidin Başlangıcı ve Kasıtlının Sonu

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Yayıncı

دار الحديث

Baskı Numarası

بدون طبعة

Yayın Yeri

القاهرة

أَمْثَالُ هَذِهِ السُّنَنِ مَعَ تَكَرُّرِهَا، وَتَكَرُّرِ وُقُوعِها، أَسْبَابِهَا غَيْرَ مَنْسُوخَةٍ، وَيَذْهَبُ الْعَمَلُ بِهَا عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ أتقنوا الْعَمَلَ بِالسُّنَنِ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ عُمُومِ الْبَلْوَى الَّذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ ; لِأَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَحْرَى أَنْ لَا يَذْهَبَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ يَعْتَبِرُهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ فِي طَرِيقِ النَّقْلِ، وَبِالْجُمْلَةِ الْعَمَلُ لَا يُشَكُّ أَنَّهُ قَرِينَةٌ إِذَا اقْتَرَنَتْ بِالشَّيْءِ الْمَنْقُولِ إِنْ وَافَقَتْهُ أَفَادَتْ بِهِ غَلَبَة الظَنٍّ، وَإِنْ خَالَفَتْهُ أَفَادَتْ بِهِ ضَعْفَ الظَنٍّ، فَأَمَّا هَلْ تَبْلُغُ هَذِهِ الْقَرِينَةُ مَبْلَغًا تُرَدُّ بِهَا أَخْبَارُ الْآحَادِ الثَّابِتَةُ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَعَسَى أَنَّهَا تَبْلُغُ فِي بَعْضٍ وَلَا تَبْلُغُ فِي بَعْضٍ لِتَفَاضُلِ الْأَشْيَاءِ فِي شِدَّةِ عُمُومِ الْبَلْوَى بِهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ كُلَّمَا كَانَتِ السُّنَّةُ الْحَاجَةُ إِلَيْهَا أَمَسُّ وَهِيَ كَثِيرَةُ التَّكْرَارِ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ كَانَ نَقْلُهَا مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَشِرَ قَوْلًا أَوْ عَمَلًا فِيهِ ضَعْفٌ، وَذَلِكَ أَن يُوجِبُ ذَلِكَ أَحَدَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، وَإِمَّا أَنَّ النَّقْلَ فِيهِ اخْتِلَالٌ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ الْمُتَكَلِّمُونَ كَأَبِي الْمَعَالِي وَغَيْرِهِ. وَأَمَّا الْجَمْعُ فِي الْحَضَرِ لِلْمَرِيضِ فَإِنَّ مَالِكًا أَبَاحَهُ لَهُ إِذَا خَافَ أَنْ يُغْمَى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ بِهِ بَطَنٌ وَمَنَعَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي تَعَدِّي عِلَّةِ الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ: (أَعْنِي: الْمَشَقَّةَ)، فَمَنْ طَرَّدَ الْعِلَّةَ رَأَى أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَشَقَّةَ عَلَى الْمَرِيضِ فِي إِفْرَادِ الصَّلَوَاتِ أَشَدُّ مِنْهَا عَلَى الْمُسَافِرِ، وَمَنْ لَمْ يعد هَذِهِ الْعِلَّةَ وَجَعَلَهَا كَمَا يَقُولُونَ قَاصِرَةً: (أَيْ: خَاصَّةً بِذَلِكَ الْحُكْمِ دُونَ غَيْرِهِ) لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ. [الْبَابُ الْخَامِسُ مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ الْقَوْلُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ] الْبَابُ الْخَامِسُ مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ الْقَوْلُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ. اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ صَلَاةِ الْخَوْفِ بَعْدَ النَّبِيِّ ﵊ وَفِي صِفَتِهَا. ; فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ جَائِزَةٌ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا﴾ [النساء: ١٠١] الْآيَةَ. وَلِمَا ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ ﵊ وَعَمَلِ الْأَئِمَّةِ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ بِذَلِكَ، وَشَذَّ أَبُو يُوسُفَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ: لَا تُصَلَّى صَلَاةُ الْخَوْفِ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا تُصَلَّى بَعْدَهُ بِإِمَامَيْنِ يُصَلِّي وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي الْآخَرُ بِطَائِفَةٍ أُخْرَى وَهِيَ الْحَارِسَةُ رَكْعَتَيْنِ أَيْضًا وَتَحْرُسُ الَّتِي صَلَّتْ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: هَلْ صَلَاةُ النَّبِيِّ ﷺ بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْخَوْفِ هِيَ عِبَادَةٌ أَوْ هِيَ لِمَكَانِ فَضْلِ النَّبِيِّ ﷺ فَمَنْ رَأَى أَنَّهَا عِبَادَةٌ لَمْ يَرَ أَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالنَّبِيِّ ﵊، وَمَنْ رَآهَا لِمَكَانِ فَضْلِ النَّبِيِّ ﵊ رَآهَا خَاصَّةً بِالنَّبِيِّ ﵊ وَإِلَّا فَقَدَ كَانَ يُمْكِنُنَا أَنْ يَنْقَسِمَ النَّاسُ عَلَى إِمَامَيْنِ، وَإِنَّمَا كَانَ ضَرُورَةُ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ خَاصَّةً مِنْ خَوَاصِّ النَّبِيِّ ﵊ وَتَأَيَّدَ عِنْدَهُ هَذَا التَّأْوِيلُ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ الْمَفْهُومِ مِنْ

1 / 185