Müctehidin Başlangıcı ve Kasıtlının Sonu
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
Yayıncı
دار الحديث
Baskı Numarası
بدون طبعة
Yayın Yeri
القاهرة
وَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ حَدِيثَانِ مُتَعَارِضَانِ: أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» وَالْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ ﷺ «كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»، فَمَنْ رَجَّحَ مَفْهُومَ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: لَا يَقُولُ الْمَأْمُومُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَلَا الْإِمَامُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَهُوَ مِنْ بَابِ دَلِيلِ الْخِطَابِ لِأَنَّهُ جَعَلَ حُكْمَ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ خِلَاف حُكْمِ الْمَنْطُوقِ بِهِ. وَمَنْ رَجَّحَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: يَقُولُ الْإِمَامُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَتْبَعَ الْإِمَامَ فِي قَوْلِهِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِعُمُومِ قَوْلِهِ «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ»، وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ فَرَّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ.
وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ يَقْتَضِي بِدَلِيلِ الْخِطَابِ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ.
وَحَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ يَقْتَضِي نَصًّا أَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، فَلَا يَجِبُ أَنْ يُتْرَكَ النَّصُّ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ فَإِنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ.
وَحَدِيثُ أَنَسٍ يَقْتَضِي بِعُمُومِهِ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ بِعُمُومِ قَوْلِهِ «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» وَبِدَلِيلِ خِطَابِهِ أَلَّا يَقُولَهَا، فَوَجَبَ أَنْ يُرَجَّحَ بَيْنَ الْعُمُومِ وَدَلِيلِ الْخِطَابِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْعُمُومَ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ، لَكِنَّ الْعُمُومَ يَخْتَلِفُ أَيْضًا فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، وَلِذَلِكَ لَيْسَ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَدِلَّةِ الْخِطَابِ أَقْوَى مِنْ بَعْضِ أَدِلَّةِ الْعُمُومِ فَالْمَسْأَلَةُ لَعَمْرِي اجْتِهَادِيَّةٌ: (أَعْنِي: فِي الْمَأْمُومِ.)
; وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ (وَهِيَ صَلَاةُ الْقَائِمِ خَلْفَ الْقَاعِدِ) فَإِنَّ حَاصِلَ الْقَوْلِ فِيهَا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلصَّحِيحِ أَنْ يُصَلِّيَ فَرْضًا قَاعِدًا إِذَا كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إِمَامًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٨] وَاخْتَلَفُوا إِذَا كَانَ الْمَأْمُومُ صَحِيحًا، فَصَلَّى خَلْفَ إِمَامٍ مَرِيضٍ يُصَلِّي قَاعِدًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَأْمُومَ يُصَلِّي خَلْفَهُ قَاعِدًا، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ خَلْفَهُ قِيَامًا.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَزَادَ هَؤُلَاءِ فَقَالُوا يُصَلُّونَ وَرَاءَهُ قِيَامًا وَإِنْ كَانَ لَا يَقْوَى عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بَلْ يُومِئُ إِيمَاءً.
1 / 161