ولم يستطع حسنين أن يقاوم حب استطلاعه فسأله بقلق: هل تزوجت يا أخي؟ - كلا.
فلاح الارتياح في وجه حسنين غير خاف فتساءل حسن: أسرك هذا؟ - نعم. - لماذا؟
فقال الشاب بسذاجة: أفضل أن تختار زوجك من وسط كوسطنا.
فقطب حسن كالمستاء وقال: إنها أفضل من سيدات كثيرات، تحبني وتخلص لي، ولا تضن علي بمال.
وأوشك أن يقول له «ومن مالها الخاص أعطيت حسين ما احتاجه من نفقات.» ولكنه أمسك رحمة بأخيه - لم يستطع التغير الذي لحق بطبعه أن يؤثر في عواطفه نحو أخيه حتى حين استيائه - ولما رأى القلق والندم يلوحان في عيني الشاب قال برقة: إن إخلاص الزوجة لزوجها لا يخلو من منفعة وراءه، أما هذه المرأة فإخلاصها غير مشوب، سوف تعلمك الحياة أمورا كثيرة تجهلها.
فهز حسنين رأسه متظاهرا بالاقتناع، وابتسم إلى أخيه ابتسامة رقيقة متوددا، ثم ذكر أمرا كاد ينساه فرحب به ظنا منه أنه خليق بأن يضفي على الجو الذي كاد يتوتر روحا من المرح فسأل أخاه ضاحكا: علمت وأنا أسأل عن بيتك أنهم يدعونك الروسي، فما معنى هذا؟
فضحك حسن ضحكة عالية أعادت الطمأنينة إلى نفس الآخر، وقال هو يشير إلى رأسه: نسبة إلى هذا! .. إني أكسب بعرق جبيني على نحو ما (وبسط يده ونطحها برأسه، ثم نظر إلى أخيه نظرة ذات معنى ضاحكا) أو بالأحرى بدم جبيني، لا بد من العرق كي تعيش، ولكنه يختلف العضو الذي يعرق بين فرد وآخر.
وشعر حسنين بغرابة نحو أخيه، وفكر مليا، ثم قال بحزن: ثمة أناس يكسبون دون أن يعرق لهم جبين!
وبدا حسن، وكأنه لم يفهم قوله على حقيقته فقال بحماس: هذه غاية الشطارة .. أن تكسب بعرق جباه الآخرين!
وسئم حسنين هذا الحديث الذي يجري بلا ضابط، فصمم على أن يطرق الموضوع الذي جاء من أجله. وصمت قليلا ثم قال بصوت منخفض: أظن يسرك أن تعلم بأني نجحت في امتحان البكالوريا؟
Bilinmeyen sayfa