فقال حسنين الذي كان قد قتل الأمر بحثا: التعليم العالي مرحلة طويلة شاقة، ومستقبل مجهول.
فنظرت إليه المرأتان في دهشة، فاستطرد قائلا: لقد فكرت في الأمر طويلا، وانتهيت من التفكير إلى أنه يجب أن أختار مدرسة من المدرستين؛ البوليس أو الحربية!
وهتفت نفيسة بسرور: ما أجمل هذا!
ولم يحفل بسرورها؛ لأنه كان يفكر في الصعاب التي تعترض آماله فقال: دراسة عامين فحسب ثم أصير ضابطا، والنجاح مضمون تقريبا؛ لأنها دراسة باللعب أشبه، والوظيفة في النهاية لا شك فيها. هذه مميزات لا يستهان بها!
فهتفت نفيسة بالحماس نفسه: دراسة عامين ثم تصير ضابطا! ما أشبه هذا بالأحلام!
وتساءلت الأم بإشفاق: والمصروفات؟!
ونظر إليها طويلا كالحائر ثم قال: البوليس غالية جدا، ولكن الحربية معقولة، مصروفاتها سبعة وثلاثون جنيها.
فتطلعت إليه المرأتان بوجوم ودهشة، فبادرهما قائلا: ليس الأمل في المجانية معدوما أو على الأقل في نصف المصروفات، ولنا في أحمد بك يسري شفيع عظيم القدرة في هذه الحال.
ولم يذهب الوجوم من نظرة الأم، وبدت قلقة حيال هذا الأمل، فقالت: حدثني فريد أفندي محمد عن معهد التربية الابتدائي، فوجدت فيه ميزات تستحق التقدير؛ فمدة دراسته ثلاث سنوات بالمجان تضمن بعدها وظيفة مدرس.
فقال الشاب بامتعاض: إني أكره أن أعمل مدرسا، وأكره أكثر أن التحق بمعهد بالمجان. - ولكنك لا ترى مانعا في دخول الحربية بالمجان. - ثمة فرق كبير يقوم بين معهد يقوم على المجانية، ومعهد قد يعفيني من مصروفاته كلها أو نصفها، سيقول الناس عن الحال الأولى إني تعلمت بالمجان أما في الأخرى فهيهات أن يعلم بها أحد غير كاتب المدرسة.
Bilinmeyen sayfa