Bertrand Russell: Çok Kısa Bir Giriş
برتراند راسل: مقدمة قصيرة جدا
Türler
أحد هذه التعديلات هو أنها تسمح بدرجة مما يطلق عليه عادة «الخيانة». فإذا لم ينشأ الناس وهم يرون أن الجنس تقيده المحرمات، وإذا لم تكن الغيرة تحمل موافقة المعلمين المعنيين بعلم الأخلاق، لاستطاع الناس أن يتعاملوا بعضهم مع بعض بمزيد من الإخلاص والتسامح؛ فالغيرة تدفع الحبيبين إلى حبس كل منهما للآخر في سجن مشترك، وكأنها منحت كلا منهما حقا في السيطرة على كيان الآخر واحتياجاته. كتب راسل يقول: «لا ينبغي تناول الخيانة على أنها أمر فظيع.» إذ إن وجود «ثقة في القوة المطلقة لعاطفة عميقة ودائمة» هو رابطة أفضل بكثير من الغيرة (الزواج والأخلاق، ص200-201). ويؤكد راسل في مواضع أخرى أنه لا يوجد مبرر للاعتراض على الزواج المفتوح - كما يطلق أحيانا على ذلك النظام - بشرط ألا تنجب المرأة أطفالا من عشيق وتتوقع أن يربيهم زوجها. وقد انتهى زواجه هو ودورا جزئيا بسبب هذه المشكلة.
ويختتم راسل كتاب «الزواج والأخلاق» بالقول إن المبدأ الذي يقدمه - رغم هذه التعليقات التي تتناول الخيانة - ليس مبدأ يقوم على الفسق؛ فهو يشمل حقا قدر ضبط النفس عينه تقريبا الذي تطالب به المثل الأخلاقية التقليدية، والفارق الملحوظ هو أن ممارسة ضبط النفس تكون بالامتناع عن التدخل في حرية الآخرين بدلا من كبت حريتنا نحن. وكتب راسل يقول: «من المأمول - في رأيي - أنه عن طريق التعليم المناسب من البداية يصبح هذا الاحترام للهوية الشخصية وحرية الآخرين سهلا بعض الشيء؛ ولكن من وجهة نظر من نشأ منا وهو يرى أنه يحق لنا أن نعترض على تصرفات الآخرين باسم الفضيلة، فلا شك أنه من الصعب الامتناع عن ممارسة هذا النوع المحبب من الاضطهاد.» إن جوهر الزواج الناجح هو الاحترام المتبادل والألفة العميقة؛ فعند وجود هذه العناصر، يصبح الحب الحقيقي بين الرجل والمرأة هو «أكثر تجربة مثمرة من بين كل التجارب الإنسانية»؛ وهذا هو الهدف الذي ينبغي أن يشجعه كل من يتأملون في الزواج والأخلاق (الزواج والأخلاق، ص202-203).
وقد شعر الكثيرون آنذاك بأن آراء راسل شائنة إلى حد مروع. وتسبب كتاب «الزواج والأخلاق» في فقدانه وظيفته في نيويورك في عام 1940 (مع أنه أدى إلى فوزه بجائزة نوبل بعد ذلك بعشر سنوات - كما ذكر آنفا - وهو ما يوضح كيف من الممكن أن تكون الحياة متقلبة وغير متوقعة)، وأوحى الكتاب - وكذلك سمعته بحب صحبة النساء - إلى الكثيرين للربط بينه وبين شخصية الرجل الشهواني. ولكن ربما يمكن أن نذكر نقطتين عن هذه الآراء؛ أولاهما هي ما تتسم به من عقلانية هادئة ومتسامحة، والأخرى هي أن آراءه لم تنشأ من فراغ؛ فهي في الواقع تعبر عن موقف يشاركه فيه طليعة المثقفين اليساريين إبان عشرينيات القرن العشرين وثلاثينياته؛ إذ كانوا يرون أن حرية العلاقات الجنسية ورفض الغيرة الجنسية بمنزلة مبادئ غير مكتوبة. كان راسل يمتلك الشجاعة والفصاحة المنطقية الجازمة، وهو ما يلزم للدفاع عن هذه الأفكار أملا في تغيير وجه مجال من مجالات الحياة في أمس الحاجة إلى ذلك. ومع التغير الجذري الذي طرأ على الاتجاهات والعادات بعد ذلك بجيل - الذي أسهم فيه جزئيا نشاط راسل - فإن حججه ما زالت تستحق القراءة كعلاج فعال ضد الرجعية.
كثيرا ما تتكرر في آراء راسل عن العلاقات الإنسانية ثلاثة موضوعات؛ أولها: هو ضرر الدين، والثاني: هو ضرورة التعليم الجيد، والثالث: هو الحرية الفردية. وكل منها عبارة عن فكرة رئيسة ثابتة في فكر راسل الاجتماعي، وقد أولى راسل كلا منها اهتماما كبيرا. وسأعرض لهذه الموضوعات بالترتيب.
الدين
يفاجأ الناس حين يعلمون أن راسل لم يكن ملحدا؛ إذ كان بالأحرى لاأدريا. وقد دفعه الثبات على المبدأ إلى قبول «الاحتمال» القائل بأنه ربما يكون للكون إله، ولكنه كان يعتقد أن وجود شيء من هذا القبيل مستبعد للغاية، وأنه لو كان يوجد شيء من هذا القبيل - خاصة إذا كان أقرب إلى فكرة الله في المعتقد التقليدي للمسيحية - لكان النفور الأخلاقي للكون أكبر مما هو عليه؛ لأنه في تلك الحالة سنضطر إلى قبول فكرة أن كيانا قادرا على كل شيء يسمح - أو يشاء - بوجود الشر الطبيعي والأخلاقي في العالم («الشر الطبيعي» يعني المرض والكوارث مثل الزلازل والبراكين، وما شابه). ومن وجهة نظر راسل، ينبغي أن تكفي زيارة واحدة إلى عنابر أي مستشفى للأطفال لتجعلنا نشعر إما بأنه من غير المحتمل وجود إله، أو أنه إذا كان يوجد إله فعلا، فإنه قاس.
سئل راسل ذات مرة في واقعة شهيرة عما عساه أن يفعل إذا اكتشف عند موته أن الله موجود على كل؛ فرد أنه سيلوم الله لأنه لم يقدم أدلة كافية على وجوده. وسئل كذلك عن رأيه في «رهان باسكال»، وهو الرأي القائل بأننا ينبغي أن نؤمن بالله حتى لو كانت أدلة وجوده واهية للغاية، لأن فائدة الإيمان بالله - في حالة وجود الله - تفوق بكثير الخسارة في حالة عدم وجوده. ورد راسل بأنه إذا كان الله موجودا لاستحسن موقف غير المؤمنين لأنهم استخدموا عقولهم ووجدوا أن الأدلة التي تدعم الإيمان غير كافية.
وكان من الأساليب التي درج راسل على استخدامها رفض قبول أي قضية إلا في حالة وجود سبب وجيه يقنعه بذلك. ومن أهم أركان الحجة المستخدمة في اللاهوت الطبيعي لدعم قضية وجود الله («اللاهوت الطبيعي» معناه مناقشة مفهوم الإله بمعزل عن أي وحي معين ورد في كتب مقدسة أو تجربة صوفية) مجموعة معروفة من «البراهين على وجود الله». وقد ناقش راسل هذه البراهين في كتابه «لماذا لست مسيحيا؟» (نشر في عام 1957، وكان عبارة عن مجموعة محاضرات ألقاها للمرة الأولى في عام 1927).
أحد هذه البراهين هو حجة السبب الأول، وتقول بأن لكل شيء سببا؛ إذن لا بد من وجود سبب أول. ولكن هذه الحجة - كما يقول راسل - متناقضة مع نفسها؛ لأنه إذا كان لكل شيء سبب فكيف يمكن أن يكون السبب الأول بلا مسبب؟ حسب بعض وجهات النظر، فإن الله هو السبب المسبب بذاته (حسب أرسطو، المحرك بذاته)، ولكن هذا المفهوم غير مترابط، وإذا دل على شيء ممكن ، إذن فإما يكون مبدأ السببية الكلية الذي تستند إليه الحجة بأكملها مبدأ باطلا إذا اتضح أنه لا بد أن تكون الأسباب غير نتائجها (كما يوحي المبدأ فعلا فيما يبدو)، أو إذا كان من المحتمل أن تكون الأسباب هي مسبباتها نفسها، فلماذا يكون من المحتمل وجود سبب واحد فقط؟
وتوجد حجة ثانية تستنتج من مظاهر التدبير في الكون نتيجة مفادها أنه لا بد من وجود مدبر. ولكن من ناحية، مظاهر الخلق في الأشياء تعللها على نحو أفضل نظرية التطور، وهي نظرية لا تتضمن كيانات إضافية في الكون، وتتفق مع البيانات التجريبية؛ ومن ناحية أخرى، لا يوجد على أي حال أي أدلة على وجود تدبير «كلي» في العالم؛ حيث توحي الوقائع - باتساق مع القانون الثاني للديناميكا الحرارية، الذي يخبرنا بأن العالم يتحلل في حقيقة الأمر - بعكس ذلك تماما.
Bilinmeyen sayfa