كانت هناك صورة أخرى لنفس الصبي في الطريق، وقد اعتمد بمرفقيه على عكازين، وعلق حقيبة كتبه فوق ظهره، ولوى عنقه متابعا مباراة في كرة القدم بين أولاد في مثل سنه.
وفي صورة ثالثة ظهر طفل آخر في حوالي الرابعة من عمره يرتدي صديريا فوق قميصه، ووقف بين حاجزين حديديين، كاشفا عن نصفه الأسفل، بينما انحنى الطبيب فوق فخذه المبتورة، يجرب له ساقا صناعية، وأسفل الصورة قرأت : «المشي هو مجموعة حركات تقوم بها عدة مفاصل في الرجل والورك والركبة والكاحل وأصابع القدم. وتجرى عمليات البتر عادة فوق الركبة أو تحتها.»
غادرت لميا مقعدها، ومضت إلى خزانة الكتب، فاستخرجت ملفا، وعادت به. توقفت جواري، وبسطت الملف على سطح المكتب وانحنت فوقه.
كان باب الغرفة مفتوحا. وكان بوسعي أن أرى جانبا من الممر المؤدي إلى الردهة الخارجية. ودون أن أرفع عيني عن الباب، انحنيت قليلا، ووضعت راحة يدي فوق بطن ساقها، حركت يدي في بطء إلى أعلى حتى إبط ركبتها، ثم أدرتها بحيث أحاطت بركبتها من الأمام، وواصلت تحريكها فوق فخذها.
كان لحمها مشدودا، ناعما وساخنا. واصطدمت يدي بعد لحظة بقطعة من القماش، فتوقفت وتطلعت إليها. كانت ما تزال منحنية على الملف، لكن عينيها كانتا مغمضتين.
فتحت عينيها ببطء فالتقتا بعيني.
قالت: أنا لا أستحي منك.
كان دوي الانفجار قويا، هز المبنى من أساسه. وسحبت يدي بسرعة، بينما اعتدلت واقفة وهي تسوي جوبها، وهرعت إلى النافذة قائلة: إنه حاجز الصوت.
تكرر الدوي مرة أخرى، ثم ترددت عدة انفجارات ضعيفة متفرقة، أشبه بطلقات المدافع المضادة للطائرات. وأقبلت السكرتيرة علينا في انفعال وهي تقول: طائرات إسرائيلية.
انضمت إلينا عند النافذة. ووقفنا نتطلع إلى السماء دون أن نرى شيئا. ولم يتكرر الدوي، فانصرفت السكرتيرة، وأغلقت الباب خلفها.
Bilinmeyen sayfa