شغل نفسه عن عينيها وفخذيها باسترجاع بضعة مشاهد، قراءات، ذكريات لها مستودعها، منها: كيف أخذ القديس مكان الأسير في السفينة، والسيد مكان اللصين المغمغمين الفاهمين. «خلص آخرين، وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها».
ومنها: ظهر مدير البرق ماشيا بين أحواض زهوره المستأنسة في بطء شديد، إلى حد إيقاع الضحية استكانتها.
مضى من فوره مسلما على الأخت الكبرى، الأقل حجما، التي سرعان ما استعادت توازنها، ابتسامتها البريئة متقدمة منه في ترحيب بالغ، في ذات اللحظة التي عادت فيها العالية إلى حيث كانت تجلس على كرسي أو «بوف» واطئ إلى جانب مدفئة نحاسية هائلة الحجم تغلي بنيران الفحم وعليها آنية القهوة.
ولم ينقض وقت كثير حتى اندفعت كلتا الأختين تكيد للأخرى، قالت العالية في اتهام مشيرة بذراعها كلها إلى أختها الكبرى دقيقة البنية: ما كانتش عايزة تفتح لك الباب.
بينما ارتمت الأخرى أمامه على البساط الأخضر الرخيص محملقة في وجهه المخمور النائم كمن تستطلع أعماقه، وما يعتمل في أعماقه: ما تشرب من القهوة دي.
في الوقت الذي صبت له الصغرى فنجانا ضخما أناضولي الطراز مشيرة في شبه أمر: خذ.
هب من فوره راكضا منحنيا قابضا على يدها بالفنجان: في وقته ... آه الصداع.
انقضت الكبرى مغتصبة الفنجان من يده، جارية إلى المطبخ المقابل وهي ترشفه في نهم.
بينما أشارت له العالية من مكانها: ميتة من زمان.
وصبت له فنجانا فأخذه متراجعا، مرتشفا، وهو موقن مما به.
Bilinmeyen sayfa