Din ve Felsefe Arasında: İbn Rüşd ve Ortaçağ Filozoflarının Görüşleri
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Türler
إنه كما يقول الأستاذ «كارادي فو» في كل مناقشاته للغزالي لم يترك أبدا فكرة أن الدين والفلسفة يجب أن يكونا على وفاق وأن يعيشا في وئام، وكل ما علينا هو أن نبين أن هذا الوفاق يجب أن يتحقق رغم ما يظهر لنا بينهما بادئ الرأي من تعارض في كثير من الحالات.
إن ابن رشد «موفق» مثل كل أسلافه السابقين، فهو يعمل في إخلاص تام على الربط والتوفيق بين كثير من الآراء ووجهات النظر التي تبدو في الظاهر مختلفة أشد اختلاف.
2
ومن الخير أن نشير هنا إلى أن فيلسوف قرطبة قد اتخذ هذا الموقف الدقيق الذي اقتضاه مجهودا كبيرا مسوقا بعوامل مختلفة يجيء بيانها والحديث عنها، ولكن نشير الآن إلى أن منها رغبته القوية في الانتصاف للفلسفة ورد اعتبارها إليها، وذلك لتعود لها مكانتها بعد أن كادت تموت بسبب حملة الإمام الغزالي عليها، هذه الحملة الشديدة التي نالت منها ومن الفلاسفة نيلا كبيرا.
إنه رأى الأثر المشئوم لضربة الغزالي للفلسفة، وتعصب الفقهاء والعامة ضد التفكير العقلي الفلسفي، واضطاد الأمراء للفلاسفة، كما رأى أنه - لحسن جد الفلسفة - يعيش في عصر أمير يشجع الفلسفة ويقرب الفلاسفة، فكان من الطبيعي أن ينتهز هذه الفرصة الطيبة التي واتته للعمل على الانتصاف للفلسفة وإحيائها، هذه الفرصة التي قدر أنها لن تدوم طويلا، وكان أن صح ما قدره كما حصل فعلا مما كان سبب نكبته. •••
قلنا: إن موضوع هذا البحث هو بيان محاولة فيلسوف الأندلس التوفيق بين الدين والفلسفة، وإذن يكون من الطبيعي قبل الدخول في الموضوع أن نبدأ بإعطاء فكرة عامة عن الأندلس وعن ابن رشد، ومهد نشاطه العلمي والفلسفي؛ وذلك لتعرف الحظ الذي كان للتفكير العقلي والدراسات الفلسفية في هذا البلد الإسلامي، وهذا هو موضوع الفصل الأول من القسم الأول من البحث.
ونرى من الضروري بعد هذا أن نخصص الفصل الثاني لحياة ابن رشد، فنحلل فيه الظروف التي أحاطت به، والعوامل التي وجهته وجهته الفلسفية، ونتعرف المناصب التي تقلب فيها وكان لها أثر في حياته العقلية، ونتبين الأسباب الجلية والخفية التي أدت إلى نكبته هو وأصحابه من محبي الفلسفة.
وذلك لنعرف إن كان مرد هذه الأسباب جهل الفقهاء والخليفة الذي نكبه، وتعصبهم ضد الدراسات الفلسفية، أو حسد أولئك الفقهاء وإثارتهم العامة، واضطرار الخليفة لمجاراتهم حفظا لسلطانه كما يحصل غالبا، أو أن السبب مزيج من ذلك كله ومن عوامل أخرى، وهكذا يمتد البحث إلى آخر الأحداث التي أحاطت بابن رشد حتى انتهت بحياته.
وإذا كان موضوع هذا البحث هو التوفيق بين الدين والفلسفة، فقد كان في هذه الناحية جهود لمن سبق ابن رشد من الفلاسفة المسلمين في الشرق والغرب، فيجب إذن أن نتعرف هذه الجهود لنعرف الأساس الفلسفي الذي أفاد منه فيلسوفنا وشاد عليه عمله، وهذا هو موضوع الفصل الثالث، وبه يتم القسم الأول من البحث.
سنرى في هذا الفصل كيف أحس أسلاف ابن رشد في المشرق والمغرب الحاجة إلى التوفيق بين العقل والوحي، أو بين الفلسفة والدين، وكيف اشتدت هذه الحاجة حتى صارت مسألة حياة أو موت للفلاسفة بعد حملة الغزالي، التي كان لها أثرها الكبير المشئوم، وكيف سلك كل من هؤلاء وأولئك المفكرين الطريق إلى تلك الغاية التي هي غاية الجميع؛ وذلك ليتقرر السلم، ويتم التآخي بين الفلسفة والدين، فيستطيع الفلاسفة أن يعملوا في هدوء وأمن، ويعم الانتفاع بجهودهم الفلسفية في سبيل كشف الحقيقة التي يعبر عنها كل من الدين والفلسفة بطريقة خاصة.
Bilinmeyen sayfa