لم يخف عَليّ أَن قَارِئ هَذِه التَّرْجَمَة يَرَاهَا تعسفًا عَلَيْهِ، بِاحْتِمَال أَن يغيب عني مَا لم يغب عَنهُ، وَأَن يكون قد علم مَا جهل غَيره، وَلَكِن مَعَ ذَلِك رَأَيْت أَن أذكر فِيهَا مِمَّا تقاضاه مَا اعتر عَلَيْهِ مِنْهُ، قَاصِدا بذلك أَن تكون مِنْك على ذكر، تعيرها مِنْك بحثا، فإمَّا أَن يَصح لَك مَا ظننته أَنا، أَو مَا علمه هُوَ.
وَاعْلَم أَن كل حَدِيث أَقُول لَك: إِنِّي لم أَجِدهُ فِي الْموضع الَّذِي عزاهُ إِلَيْهِ يمْنَع من تَقْلِيده فِي نَقله، وَيُوجب عَلَيْك الْبَحْث عَنهُ أُمُور:
مِنْهَا احْتِمَال غلطه، وَاحْتِمَال تغير الْمَكْتُوب بِتَغَيُّر الروَاة والنساخ، وَاحْتِمَال أَن يكون قد رَآهُ عِنْد من عزاهُ إِلَيْهِ غير موصل، كَمَا قد اعتراه ذَلِك فِي كثير من الْأَحَادِيث، ستراها بعد أَن شَاءَ الله [تَعَالَى] .
وَهَذَا بعد تَقْدِير وجودهَا فِي الْموضع الَّذِي عزاها إِلَيْهِ، وخفاء ذَلِك عَليّ.
وَأَقل الْأَحْوَال أَن يُوجب عَلَيْك مَا أخْبرك بِهِ من عدمهَا فِي الْمَوَاضِع الَّتِي ينسبها إِلَيْهِ تثبيتًا وتوقفًا.
فَمن ذَلِك أَنه قَالَ فِي الطَّهَارَة - بعد ذكر حَدِيث عبد الله بن زيد فِي تَجْدِيد / المَاء للأذنين:
(٢٢٤) (وَقد ورد الْأَمر بتجديد المَاء للأذنين، من حَدِيث نمران بن جَارِيَة، عَن أَبِيه عَن النَّبِي ﷺ َ -، وَهُوَ إِسْنَاد ضَعِيف.
هَذَا نَص مَا ذكر، وَهُوَ شَيْء لَا يُوجد أصلا، وَهُوَ لم يعزه إِلَى مَوضِع فنتحاكم إِلَيْهِ، وَأَحَادِيث نمران بن جَارِيَة عَن أَبِيه جَارِيَة بن ظفر، محصورة