ذكر اختلافهم في الرخصة لأهل مكة في النفر الأول قال أبو بكر: واختلفوا في أهل مكة هل ينفرون النفر الأول؟ فروي لنا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: من شاء من الناس كلهم أن ينفروا في النفر الأول، إلا آل جرمة فلا ينفروا إلا في النفر الآخر. وكان أحمد بن حنبل يقول: لا يعجبني أن ينفروا النفر الأول إلا أن يقيم بمكة، وقال أهل مكة أخف، وجعل أحمد بن حنبل /309/ وإسحاق معنى قول ابن عمر، إلا آل جرمة، أي أيهم أهل جرمة. وكان مالك يقول في أهل مكة: من كان له عذر فله أن يتعجل في يومين، فإن أراد التخفيف عن نفسه ما هو فيه من أمر الحج فلا. وقالت طائفة: الآية على العموم والرخصة لجميع المسلمين أهل مكة وغيرهم إن أرادوا الخروج عن منى والمقام بمكة والشخوص إلى بلده. قال عطاء: هي للناس عامة. وهو يشبه مذهب الشافعي، وبه نقول.
قال أبو سعيد: معي إنه يخرج في قول أصحابنا معنى هذا القول الآخر إن الطلاق للناس عامة، إن كان لا يتعرى معنى ما قيل من القول، لكنتم دون الناس عامة، فإن الحكم يجمع الجميع.
ذكر المحصب
قال أبو بكر: ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال حين أراد أن ينفر من منى: "نحن نازلون غدا إن شاء الله شعب بني كنانة حيث تقاسموا على أهل الكفر" يعني به المحصبة. وقالت عائشة: إنما كان المحصب منزلا أنزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وكان إذا حج لخروجه خرج.
قال أبو بكر: يدل قولها على هذا أن نزول المحصب ليس من المناسك، ولا شيء على تركه من فدية ولا غيرها. /310/ وقد كانت لا تحصب لا هي ولا أسماء، فكان سعيد بن حبير يفعل ذلك ثم تركه، وكان النخعي لا يرى تركه، وكان طاووس يحصب في شعب الحول، وكان ابن عمر يصلي بالمحصب الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وكان كثير الاتباع لآثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قال أبو سعيد: لا أعلم هذا الفصل في قول أصحابنا، والله أعلم بما أراد بهذا.
Sayfa 160