ومنه: ورخص في عدد الآي في الصلاة ابن أبي مليكة وأبو عبد الرحمن وطاووس وابن سيرين والشعبي والنخعي والمغيرة بن حكيم والشافعي وأحمد وإسحاق، وكان النعمان يكره عدد الآي في الصلاة، وأنكر ذلك منكر وقال: يشتغل عن الخشوع المأمور به.
/62/ قال أبو سعيد : معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا: إنه لا بأس يحفظ القراءة ما لم يكن ذلك يشغله عن حفظ صلاته أو شيء منها، ولا يجوز ذلك عندي بالعقد في معنى قولهم، وإنما يجوز في الحفظ بلا اعتقاد.
ومنه: قال: قال الله تعالى: { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون } ، فروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: الخشوع في القلب، وأن تلين قلبك للمرء المسلم، ولا تكفت في صلاتك. وعن ابن عباس انه قال: خاشعون القلب وهو الحزن. وقال مسلم بن سياد والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي: ينظر إلى موضع سجوده، هذا قول كثير من أهل العلم، غير مالك فإنه قال: أكره ما يصنع بعض الناس من النظر إلى موضع سجوده وهو قيام في صلاتهم.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.
قال أبو سعيد -رحمه الله-: إنه يخرج في معاني قول أصحابنا أن الخشوع في الصلاة الإقبال إليها وترك الحركات فيها، إلا بمصالحها في جميع الجوارح، من اليدين والنظر والأذنين واللسان، عن جميع ما هو خارج من معانيها حتى يفرغ منها، فمن ذلك ما هو واجد لازم، ومنه ما هو فضيلة. وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مضى على مصل وهو أحسب يعبث في صلاته بشيء من الحركات، فقال: "لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه"، وقيل عن عبد الله بن مسعود: إنه كان في الصلاة كأنه الثوب المعلق على الفلان، المعنى أنه لا يتحرك فيها إلا في معانيها وركوعها وسجودها، وأصح الخشوع فيها خشوع القلب بالقصد لتأديتها لله، والتعبد فيها، والخوف لله فيها من شؤم ذنوبه أن لا يقبلها منه ولو خضع فيها بجوارحه والرجاء فيه لله بفضله أن يتقبلها ويتجاوزها عنه بما لا يستحقه بذنوبه في عدله.
Sayfa 73