قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في قول أصحابنا نحو ما حكي من الاختلاف، إلا قول أنها تدفن بغير غسل ولا يتمم، فإن هذا لا أعلمه لثبوت التطهير على المسلمين، فإنها سنة ثابتة، ولا يجوز لعلة تركها إلا من عذر لزوم التيمم في كل موضع طهارة عند عدم الطهارة، بمعنى الاتفاق في الإحياء، وكذلك شبه معناه في الأموات، ويعجبني التيمم لثبوت العذر واغتنام الرخصة، خوفا أن يتولد من صب الماء على الميت من على الثياب بشيء نجس، فيكون ذلك أشد لأنه قيل إنه على قول من يقول: إنها تغسل في ثيابها فتغسل بحالها، وتكفن بثيابها، لأنها لا تجرد، فلما أن ثبت هذا كان معي أن التيمم أحق وأشبه، بمعنى الاحتياط [بيان، 16/35] من كتاب الأشراف قال أبو بكر: ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في شهداء أحد: (أنا أشهد على هؤلاء) وأمر بدفنهم، ولم يصل عليهم ولم يغسلوا، وقال /41/مالك بن دينار ومن تبعه من أهل المدينة: لا يغسل الشهيد، وبه قال الحكم بن عيينة وحماد وأصحاب الرأي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحق وأبو ثور، وكذلك قال عطاء وسليمان بن موسى ويحي بن سعيد الأنصاري وإبراهيم النخعي، وكان الحسن البصري وسعيد بن المسيب يقولان: يغسل فإن كل ميت يجيب. وسئل ابن عمر عن غسل الشهيد فقال: قد غسل عمر وكفن وحنط، وصلى عليه وكان شهيدا. قال أبو بكر: بالقول الأول أقول للسنة الثابتة التي ذكرناها.
قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في قول أصحابنا بما يشبه معاني الاتفاق أن شهيد المسلمين من قتل منهم في المعركة في المحاربة أنه لا غسل عليه.
ومنه قال أبو بكر: واختلفوا في الصبي والمرأة يقتلان، فقال الشافعي: يفعل بهما كما يفعل بالشهداء، وبه قال أبو ثور ويعقوب ومحمد. قال النعمان: والنساء والرجال كما في هؤلاء، وقال في الولدان يغسلون. قال أبو بكر: القول الأول هو صحيح.
قال أبو سعيد: معي أنه إذا ثبتت الشهادة في الصبي، وكان بحد المراهق الذي يحارب فقتل في المعركة، أو المرأة لحقه عندي ما يلحق بالشهيد، وليس كل مقتول عند أصحابنا شهيدا في معنى ما يزول به ثبوت الغسل، وإنما الشهيد عندهم المقتول في المعركة في المحاربة.
ومنه قال أبو بكر: واختلفوا فيمن قتله أهل الشرك، فقال عامر الشعبي والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه: فيمن قتله اللصوص لم يغسل، وكذلك الأوزاعي فيمن قتل في بيته، قال سفيان الثوري: من قتل مظلوما لم يغسل، وكان مالك والشافعي يقولان: يغسلون ويصلون عليهم، وبه نقول.
Sayfa 173