وكان العامل على مصر وأفريقية مسلمة بن مخلد وولى مسلمة على أفريقية أبو المهاجر وبقى الحال على ذلك إلى وفاة معاوية. وفي سنة ٦٠ توفي معاوية بن أبي سفيان يوم الجمعة منتصف رجب وهو ابن اثنين وثمانين سنة وتولى الخلافة من بعده يزيد ابنه وتلقب بالمستنصر بالله في بعض الأقوال وكنيته أبو خالد وقد ذكرنا أخباره في تأليف وفي سنة ٦١ كان مقتل الحسين بن علي ﵄ وفيها أظهر عبد الله بن الزبير الخلافة بمكة وخلع طاعة يزيد بن معاوية وخبرهما. وفي سنة ٦٢ ولى يزيد بن معاوية على بلاد أفريقية والمغرب كله عقبة ابن نافع الفهري وهي ولايته الثانية على أفريقية.
ذكر فتح المغرب الأقصى على يد عقبة وغزواته
فرحل عقبة من الشام ومعه خمسة وعشرون رجلًا من أصحاب رسول الله ﷺ فلما مر على مسلمة بن مخلد صاحب مصر خرج إليه واعتذر من فعل أبي المهاجر وأقسم له إنه خالفه فيما صنع وإنه كان قد أوصاه بتقوى الله وحسن السيرة وأن يحسن عشرة عقبة فقبل منه عقبة ومضى خنقًا على أبي المهاجر حتى قدم أفريقية فأوثق أبي المهاجر في الحديد وأمر بتخريب مدينته التي بناها ورد الناس إلى القيروان وركب في وجوه العسكر ومن معه من الصحابة والتابعين فدار بهم حول مدينة القيروان وهو يدعو لها ويقول (يا رب املأها عابدين واملأها بالمطيعين لك واجعلها عزًا لدينك وذلًا على من كفر بك) ثم عزم ﵁ على الغزو في سبيل الله وترك بها جندا من المسلمين واستخلف عليهم زهير بن قبس البلوي وكان رجلًا صالحًا ودعا عقبة أولاده فقال لهم إني قد بعت نفسي من الله ﷿ وعزمت على من كفر به حتى أقتل فيه وألحق به ولست أدري أتروني بعد يومي هذا) .
1 / 23